عقد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بالتعاون مع المعهد العالمي للقضاء على الأمراض (GLIDE)، مؤتمرًا فنيًا رفيع المستوى في القاهرة خلال الفترة من 14 إلى 16 يوليو 2025، لمناقشة التحديات والجهود المبذولة لمنع عودة انتقال الملاريا محليًا في الدول التي أعلنت خلوها من المرض.

وشهد المؤتمر مشاركة خبراء ومسؤولين صحيين من مختلف دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بهدف تعزيز التعاون الإقليمي وتنسيق الجهود الوقائية، وتبادل البيانات والخبرات، وذلك ضمن إطار الاستراتيجية التقنية العالمية لمكافحة الملاريا 2016-2030.

ورغم إعلان غالبية دول المنطقة، باستثناء اليمن، خلوها من الملاريا، إلا أن وجود نواقل المرض واستمرار انتقاله في دول مجاورة، بالإضافة إلى العوامل البيئية وحركة السكان، كلها تُشكّل تحديات حقيقية لاستدامة هذا الإنجاز.

تحذير من عودة المرض

وفي كلمتها خلال المؤتمر، أكدت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن القضاء على الملاريا يمثل إنجازًا كبيرًا، إلا أن خطر عودته لا يزال قائمًا. وأضافت "هذه المبادرة تبرز كيف يمكن للتعاون الإقليمي القائم على البيانات أن يحمي مكتسباتنا الصحية. نعمل مع شركائنا على تعزيز أنظمة المراقبة والاستجابة لضمان عدم عودة المرض مجددًا".

مشروع أرشيف إقليمي للبيانات

ويُعد هذا المؤتمر امتدادًا لمبادرة متواصلة بين المكتب الإقليمي للمنظمة وGLIDE، تهدف إلى بناء قاعدة معرفية شاملة عن الملاريا في المنطقة. وتتمثل أبرز مخرجاتها في إنشاء أول أرشيف رقمي متكامل للبيانات المتعلقة بالملاريا، يتضمن معلومات تاريخية تمتد لأكثر من قرن، وخرائط لتوزيع نواقل المرض، وتحليلات للمخاطر البيئية، بما يُسهم في توجيه السياسات الصحية المبنية على الأدلة.

تحويل البيانات إلى سياسات عملية

من جانبه، قال سيمون بلاند، الرئيس التنفيذي لمعهد GLIDE، إن هذا التعاون يُمثل "خطوة محورية نحو تضامن إقليمي حقيقي"، مؤكدًا أن مستودع الموارد الناتج عن هذه الجهود سيكون مرجعًا أساسيًا لمساعدة الدول على التنبؤ بالمخاطر ومنع عودة الملاريا.

وأضاف بلاند: "البيانات يجب أن تكون في متناول صناع القرار. هذا المشروع يعكس كيف يمكن للبنية التحتية الإقليمية للبيانات أن تدعم قرارات صحية مرنة وقائمة على الأدلة".

نحو شرق أوسط خالٍ من الملاريا

وتُعد المبادرة مثالًا عمليًا على فاعلية العمل الإقليمي المشترك، ليس فقط في تعزيز الوقاية من عودة الملاريا، بل أيضًا في بناء قدرات الدول على التصدي للأوبئة المستقبلية عبر تقنيات رصد ومراقبة حديثة.

وفي ختام المؤتمر، شددت منظمة الصحة العالمية على ضرورة استمرار التنسيق بين دول المنطقة، مشيرة إلى أن الحفاظ على خلو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الملاريا يتطلب جهودًا متكاملة، خاصة في ظل التغيرات المناخية والتحولات الجيوسياسية التي تؤثر على حركة السكان والموارد الصحية.