لم تعد الرياضة في المملكة العربية السعودية مجرد نشاط ترفيهي أو منافسة محلية، بل تحولت إلى ركيزة استراتيجية ضمن خطة التحول الوطني الطموحة، رؤية السعودية 2030، إن الاهتمام غير المسبوق الذي يوليه القادة والسياسيون للقطاع الرياضي يعكس إدراكاً عميقاً لدورها المتعدد الأوجه، الذي يتجاوز حدود الملاعب ليلامس الاقتصاد، والصحة، والهوية الوطنية، وحتى العلاقات الدولية.

​تتمحور أهداف الرؤية السعودية حول بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، وفي هذا الإطار، تلعب الرياضة دورًا أساسيًا في تحقيق مستهدفات برنامج جودة الحياة، فـ القيادة السياسية تهدف إلى رفع نسبة ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع بشكل كبير، حيث كانت النسبة لا تتجاوز 13% في السابق، والمستهدف هو الوصول إلى 40% بحلول عام 2030.. هذا التحول يهدف إلى تعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض، وتحويل الرياضة إلى نمط حياة يومي للمواطنين والمقيمين.

​ولتحقيق ذلك، شهدت البنية التحتية الرياضية قفزات هائلة، حيث ارتفع عدد الأندية الرياضية بشكل ملحوظ، وزاد عدد الاتحادات الرياضية لتشمل أنشطة متنوعة، مما يعكس توسعًا شاملًا في الفرص المتاحة للجميع، بما في ذلك الحضور المتزايد والمؤثر للمرأة السعودية في المشهد الرياضي.

يتعدى اهتمام السياسيين بالرياضة البعد الاجتماعي إلى البعد الاقتصادي الواضح، حيث أطلقت المملكة مشاريع ضخمة للاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، وكان أبرزها مبادرة مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، الذي يهدف إلى تحويل الأندية إلى كيانات استثمارية جاذبة، تساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد على النفط.

​هذا الاستثمار، المدعوم من صندوق الاستثمارات العامة، جذب أنظار العالم بضمه أبرز نجوم كرة القدم العالميين، مما رفع القيمة السوقية للدوري السعودي (دوري روشن) وحوّله إلى وجهة عالمية تنافس الدوريات الأوروبية الكبرى، الاستثمار هنا ليس مجرد شراء للاعبين، بل هو استثمار في صناعة كاملة، بما في ذلك التسويق، وإدارة الفعاليات، وتطوير البنية التحتية والمرافق الرياضية.

​كما أن الرياضة أصبحت أداة قوية في يد الدبلوماسية السعودية، حيث باتت المملكة تستضيف بانتظام أكبر الفعاليات الرياضية العالمية في مختلف المجالات، من سباقات فورمولا 1 ورالي داكار، مرورًا ببطولات الغولف والملاكمة، وصولًا إلى استضافة كأس آسيا وترشحها لتنظيم كأس العالم 2034.

​هذه الاستضافات تعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للأحداث الرياضية، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي، وتُبرز الثقافة والتراث السعودي الغني أمام ملايين المشاهدين حول العالم، اهتمام القيادة السياسية بالرياضة هو التزام بتحويلها إلى قاطرة للتنمية الشاملة، ونافذة تطل منها المملكة على العالم، مُحققة بذلك مستهدفات رؤيتها الطموحة.