خبير عسكري : مصر تتحمل العبئ الأكبر لحل النزاع في غياب الأطراف الدولية

 

في مشهدٍ تتداخل فيه الحسابات الإقليمية والدولية، تبقى القاهرة هي الصوت الأكثر توازنًا وعقلانية، حيث تجمع بين حماية الأمن القومي المصري والدفاع عن القضية الفلسطينية، والسعي الحقيقي لإطفاء نار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

 

وقالت القاهرة إنها: "ستستمر مصر في جهودها لرفع المعاناة عن أهل القطاع، ووقف إطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإنسانية، وبدء إعادة الإعمار، كما ستواصل جهودها لتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، وضمان تواصل الأراضي الفلسطينية، والبدء في عملية سياسية لتنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧".

 

هكذا أوضحت القاهرة في بيانٍ لوزارة خارجيتها برئاسة السفير بدر عبد العاطي، قائلة: "تستهجن جمهورية مصر العربية الدعاية المغرضة الصادرة عن بعض القوى والتنظيمات التي تستهدف تشويه الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية، كما تستنكر الاتهامات غير المبررة بأن مصر ساهمت، أو تساهم في الحصار المفروض على قطاع غزة من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية".

 

هذا المشهد يأتي في ظل تصاعد حصار الكيان الإسرائيلي لقطاع غزة الفلسطيني، تارة باستخدام القوة العسكرية المفرطة، وتارة بفرض أسلوب التجويع والحصار النفسي لأهالي القطاع.

ونتيجة لذلك، يبرز الدور المصري كأحد الأعمدة الرئيسية في المشهد السياسي والإنساني على السواء، إذ تتحرك القاهرة بثبات عبر قنواتها الدبلوماسية الإقليمية والدولية لتثبيت وضع التهدئة، وإدخال المساعدات، والضغط على الكيان وحلفائه من أجل وقف فوري لإطلاق النار.

 

ومن جانبه، صرّح اللواء شبل عبد الجواد، قائد الشرطة العسكرية الأسبق، رئيس قطاع مكافحة الإرهاب بالمنطقة العربية، والخبير العسكري، أن الأمن القومي المصري يتأثر بشكلٍ مباشر بتصعيد الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن ما يحدث ليس مجرد مواجهة عابرة، بل هو جزء من مخطط أوسع يستهدف مصر والمنطقة بأكملها.

 

وقال اللواء عبد الجواد في تصريحات خاصة لموقع "خمسة سياسة": "ما حدث في السابع من أكتوبر كان قرارًا منفردًا من حركة حماس، دون تنسيق مع الجانب المصري، ودون تقدير لعواقب هذا التصعيد على الشعب الفلسطيني نفسه. واليوم، تُحاول بعض الأطراف تحميل مصر مسؤولية قرار لم تكن طرفًا فيه، وهو أمرٌ مرفوض وغير مقبول".

 

وأضاف: "ما يجري حاليًا هو استكمال لمخطط قديم بدأ منذ عام 2011، يهدف إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، كمرحلة أولى لتصفية القضية الفلسطينية. هذا المخطط تم طرحه صراحةً خلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكان يقوم على تفريغ غزة من أهلها وضمها فعليًا إلى إسرائيل".

 

وأوضح أن مصر تتعرض لحصار استراتيجي من جميع الاتجاهات، قائلًا: "نُحاصر من الجنوب في ظل الحرب المشتعلة في السودان، ومن الغرب حيث الفوضى في ليبيا، ومن الشرق بما يحدث في غزة، ومن الشمال بعد تدمير سوريا وإضعاف جيشها، حتى البحر الأحمر لم يسلم، بعد الهجمات التي عطّلت حركة الملاحة وأثرت على قناة السويس، أحد أهم شرايين الاقتصاد المصري. كل ذلك جزء من خطة محكمة تستهدف مصر".

 

وفيما يخص معبر رفح، شدد اللواء عبد الجواد على أن: "مصر لم ولن تغلق المعبر. هو مفتوح من الجانب المصري على مدار الساعة، لكن الجانب الآخر هو من يعرقل مرور المساعدات الإنسانية بسبب الاستهداف المتكرر في محيط المعبر، وهو ما يعرض حياة المدنيين وسائقي الشاحنات للخطر".

 

وأكد أن "موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت وواضح، لأن تفريغ غزة من سكانها يعني نهاية القضية الفلسطينية، وهو ما لن تسمح به الدولة المصرية أبدًا، مهما بلغت الضغوط".

 

واختتم اللواء عبد الجواد تصريحاته بقوله: "مصر لن تسقط. طالما فيها هذا الشعب الوطني، وهذا الجيش القوي، وهذه المؤسسات الراسخة، فإن كل هذه المحاولات ستفشل. نحن نتحمل العبء الأكبر في ظل غياب دور فاعل من العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، لكننا صامدون وماضون في الدفاع عن أمننا القومي والقضية الفلسطينية".

 

وجاء في البيان:

"تؤكد مصر إدراكها الكامل لوقوف بعض التنظيمات والجهات الخبيثة وراء تلك الدعاية المغرضة، والتي لا تستهدف سوى إيجاد حالة من عدم الثقة بين الشعوب العربية، وتشتيت انتباه الرأي العام العربي والدولي عن الأسباب الحقيقية وراء الكارثة الإنسانية التي أصابت أكثر من ٢ مليون مواطن فلسطيني في غزة. كما تؤكد مصر على عدم إغلاق معبر رفح من الجانب المصري قط، وأن المعبر بالجانب الفلسطيني محتل من سلطة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تمنع النفاذ من خلاله".

 

وأضاف البيان: "تدعو مصر للتعامل بحذر شديد مع الأكاذيب التي يتم الترويج لها عن عمد، من خلال توظيف المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، لخدمة روايات خبيثة لا تعدو كونها جزءًا من الحرب النفسية التي تُمارس على الشعوب العربية لإحباطها، وإحداث حالة من الفرقة والخلاف فيما بينها، وخدمة نوايا معروفة لتصفية القضية الفلسطينية".