استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أبرز ما ورد في تقرير التوقعات الزراعية للفترة 2025–2034، الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والذي يقدم نظرة شاملة على مستقبل أسواق السلع الزراعية والثروة السمكية خلال العقد المقبل، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والبيئية المتسارعة.
نمو متوقع في الاستهلاك والإنتاج
وتوقع التقرير نمو إجمالي استهلاك السلع الزراعية والأسماك عالميًا بنسبة 13% مقارنة بالمستويات الحالية بحلول عام 2034، مشيرًا إلى أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط ستكون المحرك الأساسي لهذا النمو، نتيجة تزايد عدد السكان وتحسن مستويات المعيشة. كما أشار إلى أن نصف هذا النمو في الدول متوسطة الدخل سيعتمد على ارتفاع نصيب الفرد من الاستهلاك، بينما يعتمد ثلاثة أرباع النمو في الدول منخفضة الدخل على النمو السكاني.
كما توقّع التقرير ارتفاع الإنتاج الزراعي والسمكي عالميًا بنسبة 14%، مدفوعًا بمكاسب في الإنتاجية وتوسع المساحات المزروعة وقطعان الماشية، خاصة في أفريقيا وجنوب آسيا، رغم استمرار التحديات المتعلقة بإمكانية الوصول للتقنيات الزراعية الحديثة.
اتجاهات غذائية وتحولات استهلاكية
أوضح التقرير أن ارتفاع الدخل وتسارع وتيرة التحضّر، خصوصًا في الدول متوسطة الدخل، يدفعان نحو تحوّل الأنماط الغذائية إلى أنظمة أكثر تنوعًا وتغذية، تشمل اللحوم ومنتجات الأسماك.
ومن جانب آخر، من المتوقع أن ترتفع انبعاثات الغازات الزراعية المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 6% بحلول 2034، إلا أن التحسينات المتوقعة في كفاءة الإنتاج ستسهم في تقليل "كثافة الكربون" المرتبطة بالإنتاج الزراعي.
دور متصاعد للتجارة الدولية
بيّن التقرير أن التجارة الزراعية الدولية ستظل عنصرًا رئيسيًا في توازن الأسواق العالمية، حيث يُتوقع أن يتم تداول 22% من إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة عالميًا عبر الحدود بحلول عام 2034. وشدد على أهمية الحفاظ على نظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد لضمان استقرار الأسعار وتعزيز الأمن الغذائي العالمي.
كما يُنتظر أن تسهم منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) في تعزيز التجارة البينية الأفريقية، مع توقعات باستفادة جنوب أفريقيا من الطلب المتزايد في الشرق الأدنى والشرق الأقصى، بينما تمتلك كل من مصر والمغرب ميزة استراتيجية في تلبية الطلب الأوروبي المتنامي.
مصر مركز إقليمي واعد في إنتاج السكر والدواجن
أكد التقرير أن أفريقيا، بقيادة مصر، ستسهم بشكل أكبر في الإمدادات العالمية من السكر خلال العقد المقبل. ويُتوقع أن تعزز مصر، بصفتها أكبر منتج للسكر في القارة، من حصتها في الإنتاج مدعومة بأسعار شراء مجزية، وتحسين جودة البذور، وتوسيع طاقات تصنيع بنجر السكر، مما سيؤدي إلى زيادة إنتاجه بنحو 4 ملايين طن مقارنة بفترة الأساس.
كما أشار التقرير إلى أن مصر من بين الدول المتوقع أن تشهد نموًا سريعًا في استهلاك لحوم الدواجن، في إطار الزيادة العالمية المتوقعة التي ستصل إلى 173 مليون طن بحلول عام 2034، بما يمثل 62% من إجمالي استهلاك اللحوم عالميًا.
ولفت إلى أن التوجه العالمي نحو لحوم الدواجن مدفوع باعتبارات بيئية، كونها تتطلب موارد أقل وتنتج انبعاثات كربونية أقل من اللحوم الحمراء، مما يجعلها خيارًا أكثر جاذبية للمستهلكين المهتمين بالاستدامة.
توجهات مستقبلية في القمح وإنتاج الوقود الحيوي
وفيما يخص القمح، أشار التقرير إلى أن الطلب سيستمر في التزايد في آسيا وأفريقيا، خصوصًا مع التحول إلى المنتجات المصنعة التي تتطلب أنواعًا عالية الجودة من القمح، مثل تلك المنتجة في أمريكا الشمالية وأستراليا. كما ستظل دول شمال أفريقيا، وعلى رأسها مصر، من أكبر مستهلكي القمح عالميًا.
من جهة أخرى، توقع التقرير انخفاض إنتاج الإيثانول من القمح بنسبة 6%، بسبب تحولات في الاستخدامات الزراعية وارتفاع تكاليف الطاقة.
أكد التقرير أن التحديات البيئية وتغير المناخ ستظل حاكمة لتوجهات الأسواق الزراعية، لكن مع استمرار الابتكار وتحسين الإنتاجية، إلى جانب دعم السياسات الزراعية والتجارية، يمكن أن تشهد الأسواق استقرارًا ونموًا متوازنًا. وأكد مركز المعلومات أن ما ورد في التقرير يعكس أهمية مواصلة مصر لتعزيز مكانتها الزراعية إقليميًا ودوليًا، خاصة في قطاعات السكر والدواجن والبنجر.