توقفت عقارب الساعة بالنسبة لجماهير نادي سبارتاك موسكو الروسي في أواخر فبراير 2022، ليس بسبب هزيمة مدوية أو هدف قاتل، بل بقرار إداري مفاجئ جاء من خارج حدود المستطيل الأخضر، ففي خطوة تاريخية وغير مسبوقة، أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) استبعاد النادي بشكل كامل من بطولة الدوري الأوروبي، لتُنهي بذلك مسيرة رياضية كانت واعدة وتُلقي بظلال السياسة على عالم كرة القدم.

​جاء القرار على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، ليُصبح سبارتاك موسكو أول ضحايا العقوبات الرياضية التي تهدف إلى عزل روسيا دوليًا، كان النادي قد تأهل إلى دور الـ16 من البطولة، وكان من المقرر أن يواجه نظيره الألماني لايبزيغ، كانت الترتيبات تجري على قدم وساق للمواجهة المرتقبة، قبل أن يُصدر الاتحاد الأوروبي بيانه القاطع الذي أكد فيه "تعليق مشاركة كافة الأندية الروسية والمنتخبات الوطنية الروسية" في مسابقاته.

هذا القرار لم يمنح لايبزيغ فوزًا اعتباريًا فقط، بل بعث برسالة واضحة مفادها أن عالم الرياضة لن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يجري على الساحة الدولية.

​رد فعل النادي الروسي كان سريعًا وغاضبًا، أصدر سبارتاك موسكو بيانًا رسميًا وصف فيه القرار بأنه "مؤسف للغاية" و"مخالف للروح الرياضية".

 أعرب النادي عن خيبة أمله الشديدة، مؤكدًا أن "الرياضة، بحكم طبيعتها، يجب أن تكون جسرًا للتواصل وليس أداة للعزل".. وشدد البيان على أن اللاعبين والمدربين لا يجب أن يدفعوا ثمن القرارات السياسية، وأن هذا الإجراء يُعتبر عقابًا غير عادل لهم ولجماهيرهم المخلصة، هذه الحجة، التي فصلت بين الرياضيين والسياسيين، وجدت صدى لدى كثيرين حول العالم الذين يرفضون خلط الأوراق؛ ​لكن قرار يويفا لم يكن حالة منفردة، بل كان جزءًا من حملة دولية منسقة.

ففي نفس التوقيت، اتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خطوة مماثلة بتعليق مشاركة المنتخب الروسي في تصفيات كأس العالم 2022، مما أنهى آماله في التأهل للبطولة.

توالت بعدها القرارات الصادرة عن اتحادات رياضية أخرى، لتشمل رياضات مثل التزلج والسباحة وكرة السلة، في إشارة إلى أن الموقف العالمي ضد الهجوم العسكري كان موحدًا وقويًا. ​

هذا الموقف الموحد يطرح تساؤلات عميقة حول العلاقة الشائكة بين الرياضة والسياسة، فلطالما كانت الألعاب الأولمبية وكأس العالم منصات للتعبير عن السلام والوحدة، لكن في أحيان أخرى، تتحول إلى ساحات للصراعات الجيوسياسية.

استبعاد سبارتاك موسكو يُعتبر مثالًا صارخًا على أن كرة القدم، التي يصفها البعض بأنها "اللعبة الأكثر شعبية في العالم"، لم تعد محصنة ضد رياح الصراعات الدولية، فبينما يرى البعض أن الرياضة يجب أن تظل فوق كل الاعتبارات السياسية، يرى آخرون أن هذه القرارات هي وسيلة سلمية وفعالة للضغط على الحكومات. ​