* الولايات المتحدة قد تسعى لخلق كيان موازي لتحقيق اهدافها
* خبير عسكري: "الإخوان ذراع الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية.. وحماس صنيعة إسرائيل"
* ضحى هلال: "تآكل القوة التنظيمية للإخوان.. ومقترح الكونغرس خطوة لتقويض الجماعة"
لم يعد النقاش حول جماعة الإخوان مجرد تحليل سياسي، بل هو إقرار بحقيقة الخطر الذي يمثله أقدم تنظيم إرهابي في العصر الحديث. فبعد عقود من التخفي وراء واجهات سياسية ودعوية، تتكشف اليوم حقيقة أنشطته التخريبية على مستوى العالم، مما دفع المجتمع الدولي إلى صحوة حتمية وضرورية لمواجهة هذا التهديد بشكل مباشر وحاسم. إن ما نشهده هو بداية تفكيك شبكة دولية عملت طويلاً على زعزعة استقرار الدول ونشر التطرف.
جبهة دولية للمواجهة.. مؤشرات الملاحقة تتوالى
كانت مواجهة تنظيم الإخوان الإرهابي في السابق موقفاً تقوده دول عانت مباشرة من ويلاته، وعلى رأسها مصر. أما اليوم، فقد تحول الأمر إلى جبهة دولية واسعة تدرك أن التساهل مع هذا الكيان لم يعد خياراً مطروحاً.
في الولايات المتحدة: يُمثّل مشروع القانون المطروح في الكونجرس، والمعروف رسميًا باسم "قانون تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية"، والذي قدّمه السيناتور الجمهوري تيد كروز والنائبة نانسي مايس في يونيو ويوليو 2025، خطوة ضرورية طال انتظارها، تُعبّر عن إدراكٍ متنامٍ داخل دوائر صنع القرار بالخطر الذي تُشكّله شبكات التنظيم.
في قلب أوروبا: تستفيق القارة العجوز من غفلتها، وتدرك الآن الثمن الباهظ الذي دفعته جراء سياسة التساهل. ففي فرنسا والنمسا وألمانيا، تصف التقارير الأمنية التنظيم صراحة بأنه "تهديد للديمقراطية"، وتفرض رقابة مشددة على كافة مؤسساته التي طالما عملت كواجهة لأنشطته الحقيقية.
دول حظرت الجماعة
في مصر، تم إدراج الجماعة ضمن المنظمات الإرهابية في 25 ديسمبر 2013، عقب تنفيذ هجمات استهدفت مؤسسات أمنية. وفي أبريل 2025، أعلن وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، حظر كافة أنشطة الجماعة المُنحلة واعتبارها جمعية غير مشروعة. كما سبقتها في هذا التصنيف كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في عام 2014، إضافة إلى البحرين. وعلى المستوى الدولي، صنّفت روسيا جماعة الإخوان منظمة إرهابية منذ عام 2003.
لماذا الآن؟ انهيار داخلي ومواجهة مستحقة
إن تسارع وتيرة المواجهة الدولية ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج عاملين متكاملين: المواجهة الدولية المستحقة التي تدرك أن خطر التنظيم عابر للحدود، والتفكك الحتمي للتنظيم من الداخل بفعل الصراعات الدموية على السلطة والتمويل التي تعصف بكيانه.
سجل إجرامي لا يقبل الجدل
فسجل التنظيم حافل بالجرائم الموثقة، من تأسيس التنظيمات المسلحة، إلى عمليات الاغتيال السياسي، والتحريض المباشر على العنف ضد مؤسسات الدولة. إن الأدلة الدامغة على تورطه في أنشطة إرهابية تجعل من مواجهته واجباً دولياً وأخلاقياً.
نهاية حتمية لتنظيم إرهابي
يعيش تنظيم الإخوان الإرهابي اليوم نهايته الحتمية، محاصراً بين صحوة دولية رافضة لوجوده، وانهيار داخلي يفضح حقيقته. إن الجهود العالمية لتجفيف منابعه المالية وملاحقة عناصره هي انتصار لسيادة الدول واستقرار المجتمعات، وتأكيد على أن العالم لن يسمح مجدداً لتنظيم إرهابي بأن يختبئ خلف ستار الدين لتحقيق أهدافه التدميرية.
وقال اللواء اركان حرب شبل عبد الجواد، رئيس قطاع مكافحة الإرهاب بالمنطقة العربية، قائد الشرطة العسكرية والخبير العسكري، في تصريحاته لموقع "خمسة سياسة"، إن تنظيم الإخوان يعمل كذراع للصهيونية العالمية لتصفية القضية الفلسطينية، مؤكداً أن ما يحدث على الأرض من محاولات لفتح معبر رفح ليس بغرض المساعدات، وإنما لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
وأضاف: "نحن أمام مشكلة تقودها مخابرات دولية وبدعم إخواني لإسقاط القضية الفلسطينية. الحملات التي تُشن على مصر حالياً، مدعومة من تركيا وقطر والمخابرات البريطانية والكيان الصهيوني، هدفها الضغط لفتح معبر رفح لاستكمال مخطط التهجير، وليس للمساعدات".
وتابع عبد الجواد مهاجماً حركة حماس، قائلاً: "أين قادة حماس الآن؟ يعيشون في قطر في حماية قاعدة العديد. حركة حماس هي من صنيعة إسرائيل، وقد أصبحت شوكة في ظهر إسرائيل وفي ظهر المصريين".
وحول رد فعل الجماعة إذا ما تم تصنيفها رسميًا كتنظيم إرهابي في الولايات المتحدة، قال اللواء عبد الجواد: "لن يستطيعوا الرد. أقول لهم بدلًا من محاصرة السفارات المصرية، لماذا لا تذهبون إلى سفارة إسرائيل التي بجانبكم؟ لا يجرؤون، لأن هؤلاء هم أذرع إسرائيل في المنطقة".
وأكد أن الأجهزة الأمنية المصرية ترصد كل التحركات وتتابع المخططات التي تحاول استهداف الدولة، مشيراً إلى عملية تصفية عناصر حركة "حسم" الإرهابية التي تسببت في "انهيار نفسي وتنظيمي لدى مموليها بالخارج".
واختتم تصريحاته قائلاً: "نحن نعلم أنهم يفبركون الفيديوهات لبث الفوضى، لكن مصر لن تسقط. الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذ قراراً تاريخياً وخلّص مصر من مخطط إرهابي استمر 80 عاماً".
ومن جانبها، قالت الدكتورة ضحى هلال، باحثة في الشؤون السياسية والدولية، إن القدرة التنظيمية واللوجستية لجماعة الإخوان، وما كانت تحظى به من دعم وتأييد، قد تراجعت وتآكلت خلال السنوات الأخيرة، ويظهر ذلك من خلال عدة مؤشرات حالية؛ أبرزها مشروع القانون الأمريكي الأخير الذي يطالب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، والإجراءات الأخيرة في الأردن التي انتهت بحل الجماعة، بالإضافة إلى حظر وتقييد نشاطها في عدد كبير من الدول الأوروبية، منها فرنسا وبريطانيا والنمسا وغيرها.
وأضافت في تصريحات لموقع "خمسة سياسة"، أنه فيما يخص احتمالية لجوء الجماعة إلى تنفيذ هجمات في حال تصنيفها رسميًا كمنظمة إرهابية من قبل واشنطن: "لا أعتقد أن لدى الإخوان حاليًا هذه القدرة من جهة، ومن جهة أخرى هم يدركون حجم تقاطع المصالح بينهم وبين الجانب الأمريكي، لذا لن يُقدموا على فعل عنيف".
وتابعت: "وفيما يتعلق بقدرة الجماعة على التجنيد، فهذا هو عنصر القوة الأبرز لديها، من خلال التأثير على الشباب تحديداً واستمالتهم عبر أدوات ناعمة في المدارس والجامعات والمؤسسات الخيرية، وهو ما لا يزال قائمًا في عدد من الدول الأوروبية، ما دفع هذه الدول إلى محاولة اتباع سياسات احتواء، متبوعة بإجراءات أمنية وتضييقات مالية".
وأوضحت هلال: "لا يوجد للإخوان تأثير ميداني يُذكر في الشارع المصري، وكل ما لديهم هو أبواق إعلامية مدفوعة وحملات دعائية مغرضة، مثل الحملات الأخيرة التي تستهدف السفارات المصرية في الخارج، بهدف تشويه صورة مصر في ملف القضية الفلسطينية من ناحية، ومحاولة تحريض الشارع المصري ضد القيادة السياسية من ناحية أخرى. ويمكن قراءة ذلك كمحاولة يائسة من الجماعة الإرهابية بعد فشلها وعدم قدرتها على التأثير أو إثارة الفتن؛ فاعتقدت أنها قد تجد في الملف الفلسطيني مدخلًا لتحقيق النجاح، بعد سلسلة من الإخفاقات المتتالية في اختراق الداخل المصري وكسب تعاطف الشعب المصري، المعروف بانحيازه الطبيعي للقضية الفلسطينية".
وأضافت: "أمنيًا، أصبحت مصر نموذجًا ناجحًا تسير على نهجه عدة دول في القضاء على الجماعة ومعاقلها، ويُدلل على ذلك التصدي للمحاولات الأخيرة لجماعة 'حسم' الإرهابية. أما فيما يتعلق بمحاولات اختراق الجماعة للقرى والجامعات، فقد بدأت الدولة في تنفيذ عدد من المبادرات الرئاسية والمشروعات القومية التنموية التي تستهدف الشباب في مختلف المجالات. وعلى مستوى تعزيز الوعي بالقضايا الأمنية والسياسية والمخاطر التي تواجه مصر، فقد بدأ ذلك يتبلور بشكل واضح، بدايةً من الخطاب المباشر الذي يقدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، مرورًا بالأعمال الفنية الوطنية".
واختتمت الدكتورة ضحى تصريحها قائلة: "إجمالًا، قد يشكل مقترح الكونغرس الأمريكي خطوة في مسار تقويض الجماعة الإرهابية، حتى وإن جاء بعد ما قامت به مصر منذ أكثر من عشر سنوات، لكن لا ينبغي إغفال أن هناك مصلحة أمريكية قائمة في وجود تلك الجماعة، تُستغل أحيانًا للضغط على بعض الدول، لا سيما مصر. لذا، فحتى إذا تم إعلانها جماعة إرهابية، قد تسعى الولايات المتحدة إلى خلق كيان بديل تمارس من خلاله ضغوطًا أو تحقق أهدافًا معينة، دون انخراط مباشر منها".