"الرياضة تجمعنا، والقضية توحدنا".. في عالم تتشابك فيه السياسة بالرياضة، تبرز العلاقة بين مصر وفلسطين كنموذج فريد من نوعه، لا يقتصر على الدعم السياسي والدبلوماسي، بل يتجلى في أعمق صور الترابط من خلال كرة القدم، هذا الترابط يتخذ أبعادًا رمزية قوية، خاصة عند الحديث عن السماح للاعب الفلسطيني باللعب كلاعب محلي في الدوري المصري، في خطوة لا تُعد مجرد تسهيل إجرائي، بل هي تأكيد على عمق الروابط الأخوية والتاريخية بين الشعبين.
في عام 2017، اتخذ الاتحاد المصري لكرة القدم قرارًا تاريخيًا بالسماح للاعب الفلسطيني باللعب كلاعب محلي في الأندية المصرية، وليس كلاعب أجنبي، هذا القرار، الذي كان بمثابة استثناء للقواعد المتبعة، لم يأتِ من فراغ. بل كان نتاجًا لرغبة حقيقية من الدولة المصرية في دعم القضية الفلسطينية على كافة المستويات، من الناحية السياسية، يُرسل هذا القرار رسالة واضحة للعالم بأن مصر تعتبر فلسطين جزءًا لا يتجزأ من هويتها العربية، وأن أبناء فلسطين هم إخوة لا تفرقهم الحدود.
تأتي هذه المبادرة في سياق الدعم المصري المتواصل للقضية الفلسطينية، فمنذ عقود، كانت مصر الداعم الأكبر للقضية، سواء على المستوى الدبلوماسي في المحافل الدولية، أو من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطبية، قرار اعتبار اللاعب الفلسطيني مصريًا في الملاعب، يُعد امتدادًا لهذا الدعم؛ ولكنه يأخذ بعدًا شعبيًا وعاطفيًا أعمق، فهو يُتيح للاعبين الفلسطينيين فرصة ثمينة لتطوير مهاراتهم في دوري قوي، مما يعود بالنفع على المنتخب الفلسطيني، ويُعطي رسالة أمل للشباب الفلسطيني في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.
أصبح اللاعب الفلسطيني في الدوري المصري أكثر من مجرد رياضي، بل أصبح رمزًا للقضية، كلما شارك لاعب فلسطيني في مباراة، يشعر الجمهور المصري وكأنه يشجع لاعبًا من بلاده، مما يعزز الشعور بالوحدة والتضامن.. إن وجود هؤلاء اللاعبين في الأندية المصرية ليس مجرد إضافة فنية، بل هو وجود رمزي يؤكد أن القضية الفلسطينية ليست قضية سياسية فقط، بل هي قضية شعبية، يعيشها المصريون ويتعاطفون معها بكل جوارحهم، هذا الترابط الرياضي يساهم في إبقاء القضية الفلسطينية حية في أذهان الأجيال الجديدة، ويُظهر أن الدعم لا يقتصر على الشعارات فقط، بل يتجسد في خطوات عملية وملموسة.
يُعد قرار اعتبار اللاعب الفلسطيني مصريًا في الملاعب المصرية، فصلًا جديدًا في كتاب العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين، وقرار يثبت أن الرياضة، وخاصة كرة القدم، يمكن أن تكون أداة قوية للوحدة والدعم السياسي، وأن الحدود قد تكون مجرد خطوط على الخريطة، لكن الأواصر بين الشعوب أقوى من أي شيء آخر.