منذ تأسيس أول مجلس نيابي في مصر عام 1866 باسم "مجلس شورى النواب"، كانت القبة البرلمانية مرآةً لتحولات الدولة والمجتمع، وشاهدًا على صراعاتها من أجل التمثيل والمشاركة السياسية.
بدأ الحلم في عهد الخديوي إسماعيل، بـ75 نائبًا في مجلس محدود الصلاحيات، ثم تعثر تحت الاحتلال البريطاني، قبل أن تعيد ثورة 1919 الروح إليه، مع دستور 1923 الذي رسّخ التعددية الحزبية والفصل بين السلطات.

ورغم فترات الانقطاع والتغييب، ظل البرلمان المصري أعرق المؤسسات التشريعية في الشرق الأوسط، وصاحب السبق عربيًا في تنظيم الحياة النيابية، حتى دخل الألفية الجديدة بتحديات جديدة، ومزاج سياسي متقلب، عكسته أرقام المشاركة والنتائج.

من 2000 إلى 2020.. عشرون عامًا من التقلّب والرسائل الصامتة

  • انتخابات 2000 بدأت بمشاركة 47%، وهي نسبة لافتة وقتها، حصد فيها الحزب الوطني 388 مقعدًا من أصل 454، بينما بقيت المعارضة خافتة الصوت.

  • في 2005، تراجع الإقبال إلى 23% فقط، لكن المفاجأة كانت في صعود جماعة الإخوان بـ88 مقعدًا من أصل 105 للمعارضة، تحت لافتة "الإصلاح من الداخل".

  • أما 2010، فكانت الانتخابات الأقرب إلى الانفجار السياسي. رغم مشاركة محدودة بـ35%، حصد الحزب الوطني 420 مقعدًا، فيما كانت المعارضة في أدنى حضور لها، وسط مقاطعة واسعة.

  • ثم جاءت ثورة 25 يناير 2011، لتفتح الباب لأعلى مشاركة انتخابية في تاريخ مصر (62%)، مع صعود تيارات الإسلام السياسي بقيادة الحرية والعدالة وتحالفات جديدة، وسط زخم غير مسبوق.

  • ومع عودة الاستقرار السياسي لاحقًا، جاءت انتخابات 2020 بنسبة مشاركة بلغت 29.5%، في ظل تحالفات كبرى مثل "القائمة الوطنية من أجل مصر"، وتراجع دور الأحزاب التاريخية، مقابل ظهور كيانات جديدة تتكيّف مع المرحلة.

برلمان يتغير.. وشعب يعيد رسم ملامح الحياة السياسية

على مدار قرن ونصف، لم يكن البرلمان المصري مجرد مؤسسة للتشريع، بل كان ساحة تعكس نبض الشارع، وصدىً لتحولات الهوية الوطنية والخيارات السياسية.
الأرقام وحدها لا تحكي كل شيء، لكنها تُظهر كيف يغيّر المصريون قواعد اللعبة كلما أُتيحت لهم الفرصة، وكيف تتحرك الحياة النيابية صعودًا وهبوطًا مع كل موجة تغيير.