في لحظة بدت كأنها خارجة من حلم، وجدت صفية أحمد صورتها تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، وتتصدر معها قائمة أوائل الثانوية الأزهرية – القسم الأدبي. تقول بصوت لا يخلو من الذهول: "ما صدقتش... حسيت إني بحلم فعلاً، وأول من قالي الخبر كان بابا، شاف صورتي على الإنترنت، ومن ساعتها الفرحة بدأت من بيتنا". في عيون والدها ووالدتها، رأت صفية انعكاس تعبها الطويل، وانكسر الترقب أمام لحظة الإنجاز.
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. فالثانوية الأزهرية، كما تصفها صفية، "مختلفة ومتعبة"؛ فالمناهج المزدحمة التي تجمع بين العلوم الشرعية واللغة العربية والقرآن الكريم تفرض على الطالب مجهودًا مضاعفًا. لكنها ترى أن هذا التحدي يمنح من يجتازه قدرة على التحليل، وفهمًا أعمق للغة والدين، وانضباطًا في التفكير.
وعن غياب المكالمة التقليدية التي اعتاد أوائل الثانوية الأزهرية أن يتلقوها من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لم تُبد صفية استياءً، بل كانت أكثر تفهمًا من كثيرين. بر maturity ونضج، عبّرت عن احترامها لقراره بإلغاء المؤتمر الصحفي والمكالمات هذا العام، معتبرة إياه تضامنًا نبيلًا مع أهل غزة الذين يواجهون عدوانًا مستمرًا، وقالت: "الأزهر دايمًا واقف مع القضايا الإنسانية... وده موقف بيأكد إننا مش بس بنتعلم علم، لكن كمان بنتعلم الرحمة والمبدأ".
ورغم تفوقها اللافت، فإن صفية لم تحسم بعد وجهتها الجامعية. فهي منشغلة أكثر بمتابعة حلمها، لا بمكان الحلم فقط. تقول إنها تفكر في عدة خيارات من بينها كلية اللغات والترجمة، الصحافة والإعلام، والقانون باللغة الإنجليزية، وجميعها ترتبط بشغفها بالمجالات الأدبية والتعبيرية التي لطالما تميزت بها خلال مشوارها الدراسي. وتشير إلى أنها منفتحة أيضًا على الجامعات الخاصة في ظل ما تصفه بـ"القيود المفروضة على طلاب الأزهر في الجامعات الحكومية"، وتأمل أن يتغير ذلك مستقبلًا.
صفية أحمد، اليوم، لا تمثل فقط قصة نجاح فردي، بل نموذجًا لطالبة أزهرية واجهت التحدي على طريقتها، بصبرها، بثباتها، وبإيمانها أن التفوق لا يأتي صدفة، بل يُزرع كل يوم في ساعات مذاكرة صامتة، ودعوات أم في جوف الليل.