دائمًا ما تُعتبر الرياضة وسيلة للتقريب بين الشعوب، وساحة للمنافسة الشريفة؛ لكن في الواقع، لا يمكن فصل الرياضة عن السياسة، فالتأثير المتبادل بينهما عميق ومستمر.
تُستخدم الرياضة كأداة سياسية بشتى الطرق، سواء لتأكيد القوة والنفوذ، أو لفرض المقاطعة والعقوبات، أو حتى كمنصة للتعبير عن قضايا اجتماعية وسياسية.
وتستغل الدول الأحداث الرياضية الكبرى مثل الألعاب الأولمبية أو كأس العالم لتعزيز صورتها الإيجابية على الساحة الدولية، وإظهار قدراتها التنظيمية والتقنية.
ويمكن استخدام الرياضة لجذب الانتباه العالمي وتحقيق أهداف سياسية دون اللجوء إلى القوة العسكرية، مثلما حدث مع "دبلوماسية كرة الطاولة" بين الولايات المتحدة والصين.
وبمرو الوقت تصبح الملاعب الرياضية منصة للتعبير عن الرفض السياسي أو الاجتماعي، من خلال رفع لافتات معينة، أو ارتداء قمصان تحمل رسائل سياسية، أو حتى مقاطعة الأحداث الرياضية.
وفي كثير من الأحيات تُستخدم الرياضة كأداة للضغط على الدول من خلال حرمانها من استضافة البطولات، أو منع فرقها من المشاركة في المنافسات الدولية.
وشهد التاريخ العديد من النماذج التي تُظهر بوضوح كيف تغلغلت السياسة في عالم الرياضة:
مقاطعة الألعاب الأولمبية (1980 و 1984)
تُعد مقاطعة الألعاب الأولمبية في موسكو عام 1980، وفي لوس أنجلوس عام 1984، من أبرز الأمثلة على تسيس الرياضة.
فبعد غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها مقاطعة أولمبياد موسكو احتجاجًا على ذلك.
وردًا على ذلك، قاطع الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه أولمبياد لوس أنجلوس 1984.
هذه المقاطعات لم تؤثر فقط على سمعة الألعاب الأولمبية، بل حرمت العديد من الرياضيين من تحقيق أحلامهم والمشاركة في الحدث الأهم في مسيرتهم.
حرمان روسيا من المشاركة في البطولات الدولية
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، اتخذت العديد من الهيئات الرياضية الدولية قرارات صارمة ضد روسيا، تم حرمان الفرق والأندية الروسية من المشاركة في المسابقات الدولية، مثل كأس العالم لكرة القدم، وبطولة أوروبا، كما تم سحب استضافة نهائي دوري أبطال أوروبا من مدينة سان بطرسبرج الروسية.
هذه العقوبات الرياضية جاءت كجزء من العقوبات الاقتصادية والسياسية الشاملة التي فرضها المجتمع الدولي على روسيا، مما يؤكد أن الرياضة ليست بمعزل عن التطورات السياسية العالمية.