تحت سماء بكين، ووسط الثلوج المتلألئة، انطلقت الدورة الرابعة والعشرون للألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير 2022، محققة للصين إنجازًا تاريخيًا أن تصبح أول مدينة في العالم تستضيف كلاً من الألعاب الصيفية والشتوية.

لم تكن هذه الألعاب مجرد حدث رياضي عالمي، بل كانت مسرحًا للتجاذبات السياسية، أبرزها المقاطعات الدبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة وتبعها عدد من حلفائها الغربيين
.

منذ اللحظات الأولى، كانت هناك رياح سياسية تهب على الأولمبياد، اتخذت الولايات المتحدة قرارًا جريئًا بفرض مقاطعة دبلوماسية، مبررة ذلك بما أسمته "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" التي ترتكبها الصين، خاصة ضد أقلية الأويغور المسلمة في إقليم شينجيانغ، لم يؤثر هذا القرار على مشاركة الرياضيين؛ لكنه كان بمثابة رسالة سياسية واضحة للصين والمجتمع الدولي.

سارعت كل من بريطانيا، أستراليا، وكندا إلى الانضمام للمقاطعة، مما أضفى عليها بعدًا جماعيًا يمثل موقفًا غربيًا موحدًا، جاءت الدنمارك لتكمل قائمة الدول المقاطعة، بينما اتخذت الهند موقفًا مشابهًا احتجاجًا على مشاركة جندي صيني كان قد شارك في اشتباك حدودي سابق.

كانت الصين من جانبها ترفض هذه المقاطعات، وتعتبرها "تسييسًا للرياضة" و"تدخلاً في شؤونها الداخلية".. وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هذا الموقف بأنه "مهزلة سياسية"، مؤكدة أن الألعاب الأولمبية يجب أن تكون بعيدة عن الخلافات السياسية.

بينما كانت الفرق تتنافس بقوة على حلبات التزلج ومسارات التزلج على الجليد، كان النقاش السياسي يدور في الخلفية، استطاعت النرويج أن تتصدر جدول الميداليات، مؤكدة هيمنتها على الرياضات الشتوية، تليها ألمانيا، أما الصين، البلد المضيف، فقد حققت إنجازًا تاريخيًا غير مسبوق، حيث احتلت المركز الرابع في جدول الميداليات الذهبية، وهو أفضل أداء لها على الإطلاق في الألعاب الأولمبية الشتوية.

لم تكن المقاطعة الدبلوماسية وحدها ما ألقى بظلاله على الحدث، بل كانت هناك أيضًا إجراءات صارمة لمكافحة جائحة كورونا، فُرضت "فقاعة" صحية شاملة لعزل الرياضيين والوفود عن المجتمع الصيني، مما جعل التجربة فريدة من نوعها، ومختلفة تمامًا عن أولمبياد بكين 2008.

أثبتت أولمبياد بكين 2022 أن الألعاب الأولمبية، رغم شعارها الذي يهدف إلى توحيد الشعوب، لا تزال مرآة تعكس التوترات السياسية القائمة في العالم، فبينما كان الرياضيون يبذلون قصارى جهدهم لتحقيق مجد بلدانهم، كانت الحكومات تستغل الحدث لتوصيل رسائل سياسية قد تكون أقوى من أي ميدالية ذهبية
.