تعتبر نيجيريا، عملاقة إفريقيا من حيث عدد السكان والاقتصاد، مركزًا حيويًا للرياضة، كرة القدم، على وجه الخصوص، ليست مجرد لعبة، بل هي شغف وطني يجمع الملايين من مختلف الأعراق والطبقات الاجتماعية، ومع ذلك، فإن هذه الرياضة ليست بمنأى عن النواحي السياسية المعقدة في البلاد، فكثيرًا ما تكون الملاعب مرأة للصراعات السياسية، ومسرحًا لتأكيد القوة، أو وسيلة لتحقيق الوحدة في ظل الانقسامات العرقية والدينية.

لطالما استخدمت الحكومات المتعاقبة في نيجيريا كرة القدم كأداة فعالة لكسب التأييد الشعبي، ففوز المنتخب الوطني، في البطولات القارية والدولية يرفع من الروح المعنوية للأمة ويخلق شعورًا بالوحدة الوطنية، في المقابل، يمكن أن تؤدي الهزيمة إلى موجة من الانتقادات الموجهة للحكومة والمسؤولين الرياضيين
.

على سبيل المثال، خلال فترة الحكم العسكري في التسعينيات، كانت نجاحات المنتخب الوطني، مثل الفوز بكأس الأمم الإفريقية عام 1994 والتأهل لكأس العالم، تستخدم كأداة لتشتيت الانتباه عن الأزمات السياسية الداخلية وانتهاكات حقوق الإنسان، كان الجنرال ساني أباتشا، الحاكم العسكري آنذاك، يحرص على حضور المباريات ومكافأة اللاعبين بسخاء، مما يعزز من صورته كزعيم وطني يحرص على مجد بلاده
.

لا يقتصر التأثير السياسي على المستوى الحكومي، بل إن الصراعات الداخلية بين المناطق المختلفة في نيجيريا، سواء كانت عرقية أو دينية، غالبًا ما تظهر في الساحة الرياضية، ففي بعض الأحيان، قد يتهم مشجعون من منطقة معينة بأن اختيار اللاعبين في المنتخب الوطني لا يتم على أساس الكفاءة، بل على أساس الانتماء العرقي أو القبلي، هذه الاتهامات، سواء كانت صحيحة أم لا، تزيد من حالة التوتر والانقسام في المجتمع
.

أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو الخلافات حول إدارة الاتحاد النيجيري لكرة القدم، غالبًا ما تكون هناك اتهامات بالفساد والمحسوبية في اختيار المسؤولين، مما يؤدي إلى صراعات على السلطة بين الشخصيات السياسية والرياضية، هذه الصراعات لا تؤثر فقط على أداء الفرق الوطنية، بل تعكس أيضًا الصراع الأوسع على النفوذ في البلاد
.

يمتلك اللاعبون النيجيريون، خاصة أولئك الذين يحترفون في الخارج، تأثيرًا سياسيًا كبيرًا، فنجوم مثل جاي جاي أوكوتشا، نوانكو كانو، وأكثر من ذلك، أحمد موسى، يعتبرون رموزًا وطنية.. مواقفهم وتصريحاتهم يمكن أن تحمل وزنًا سياسيًا.. على سبيل المثال، يشارك بعض اللاعبين في حملات اجتماعية وسياسية، ويستخدمون منصاتهم للتعبير عن قضايا تتعلق بالفقر، والفساد، والتعليم، مما يعطي صوتًا للشارع النيجيري
.