لم يعد الإعلام الرياضي مجرد وسيلة لنقل نتائج المباريات وتحليل أداء اللاعبين، بل تحول في العقود الأخيرة إلى أداة مؤثرة في تشكيل الرأي العام، بل وأحيانًا إلى ساحة سياسية موازية تعكس صراعات القوى داخل المجتمع.
مع الانتشار الواسع للقنوات الرياضية ومنصات التواصل الاجتماعي، صار للجماهير مصدر معلومات لحظي، يتجاوز حدود نقل الخبر إلى التأثير في المواقف السياسية والاجتماعية، فعلى سبيل المثال، تغطية الإعلام الأوروبي لأزمة استضافة كأس العالم 2022 في قطر لم تقتصر على الحديث عن الملاعب أو المنتخبات، بل تحولت إلى نقاش سياسي حول حقوق العمال والموقف من الأنظمة الحاكمة، هنا لم يكن "التحليل الرياضي" بريئًا، بل موجّهًا ضمن أجندة إعلامية تعكس مواقف سياسية واضحة.
الأمر ذاته يظهر في المنطقة العربية، حيث تلعب القنوات الرياضية دورًا أبعد من الرياضة نفسها، قناة مثل "بي إن سبورتس" القطرية لم تعد مجرد شبكة لبث المباريات، بل أصبحت أداة قوة ناعمة تعزز من حضور قطر إقليميًا ودوليًا.
تأثير الإعلام الرياضي يتضاعف مع ظاهرة نجوم الكرة الذين تحولوا إلى رموز سياسية واجتماعية. فتصريحات لاعب مثل محمد صلاح تصل إلى ملايين المتابعين عبر الصحافة والمنصات الرقمية، وتؤثر في النقاش العام، سواء تعلق الأمر بالمشاركة في الأعمال الخيرية أو الموقف من قضايا اجتماعية.
الخطر الأكبر يكمن في التلاعب بالمشاعر الجماهيرية، تغطية بعض المباريات قد تتحول إلى وقود لتعزيز النزعات القومية أو حتى إثارة الخلافات السياسية بين الشعوب، مباراة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم 2010 مثال بارز، حيث تحولت التغطية الإعلامية إلى حالة من "التجييش" السياسي، انعكست على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لسنوات.
في المقابل، يمكن للإعلام الرياضي أن يكون قوة إيجابية إذا التزم المهنية، تغطية الأولمبياد أو البطولات العالمية مثلًا قد تساهم في تعزيز قيم التعايش والسلام، وإبراز قصص النجاح الفردية والجماعية. غير أن ذلك يتطلب استقلالية حقيقية، بعيدًا عن الضغوط السياسية والتجارية.