شهدت قرية البرخيل التابعة لمركز البلينا بمحافظة سوهاج سلسلة من الحرائق الغامضة التي أصابت عددًا من المنازل، ما تسبب في حالة من الذعر بين الأهالي، ودفع البعض إلى ربط ما يحدث بوجود "جن يحرق المنازل" أو "عفاريت تنتقم"، وسط روايات متضاربة وتفسيرات غيبية أثارت الجدل وخلقت حالة من البلبلة والخوف.
وفي إطار حرص موقع خمسة سياسة على تقديم قراءة موضوعية ومتوازنة للأحداث، تواصل الموقع مع الدكتور محمد مصطفى شرف، أحد علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، لاستطلاع الرأي الشرعي حول هذه الظواهر والرد على المزاعم المتداولة.
وأكد الدكتور شرف أن الإسلام يحذر من الانجرار وراء الخرافات والتفسيرات غير المبنية على دليل شرعي أو عقلاني، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى هو وحده النافع والضار، ولا يحدث في الكون شيء إلا بمشيئته، مستشهدًا بقول الله تعالى: "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله"، و"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
وشدد العالم الأزهري على أن العقيدة الصحيحة تقوم على الإيمان بالقدر، وتحقيق التوكل، والأخذ بالأسباب العلمية والمادية، لا على الخزعبلات، قائلاً: لا يوجد شيء اسمه جن يحرق البيوت أو يسرق الأموال، فالله قال: "إن كل نفس لما عليها حافظ"، والشيطان لا يملك سلطانًا على عباد الله الصالحين، والحديث الصحيح يقول: "أغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح غلقًا ولا يكشف إناءً".
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم ابن عباس قاعدة عظيمة في التوكل على الله، حيث قال له: "يا غلام احفظ الله يحفظك... واعلم أن الإنس والجن لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك"، مؤكدًا أن هذه النصوص الشرعية كافية لردع أي وهم أو خرافة يروج لها البعض.
كما حذر الدكتور شرف من خطورة فتح الباب أمام المحتالين والدجالين الذين قد يستغلون هذه الظروف لخداع الناس ونهب أموالهم، مضيفًا أن الإسلام لا يقر السحر ولا الشعوذة ولا التعلق بالغيبيات المضللة، فالشريعة قائمة على الحجة والدليل العقلي، وليست قائمة على الأوهام.
وأكد أن من يروجون لفكرة أن الجن يسرق أو يحرق البيوت، يخالفون أصلًا من أصول العقيدة، مضيفًا: لو كان الجن يحرقون المنازل ما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بغلق الأبواب وذكر اسم الله، فالتحصين بالذكر، وقراءة القرآن، خاصة سورة البقرة، كفيلة بطرد الشياطين، والشيطان أضعف من أن ينتهك بيتًا فيه طاعة وذكر لله.
وأشار إلى أن تكرار حوادث السرقة أو الحرائق قد يدل على وجود سارق بشري محترف من داخل البيت أو خارجه، وليس على وجود جن أو عفريت، خاصة أن كثيرًا من الحالات التي يُقال إنها مسّ أو سحر، تكون في حقيقتها أمراضًا نفسية، أو اضطرابات اجتماعية.
وأنهى الدكتور شرف حديثه بنصيحة واضحة لأهالي القرية: عليكم بالتكبير والتهليل وقراءة القرآن والتمسك بالأذكار، فهذه أعظم وقاية، ولا تلتفتوا إلى الدجل والشائعات، فالله هو الحافظ، ومن توكل عليه كفاه.