تشهد إسرائيل أزمة متصاعدة على الساحة الدولية، مع تنامي عزلتها السياسية التي انعكست بشكل مباشر على الاقتصاد وقطاع الصناعات العسكرية، فمع استمرار الحرب على قطاع غزة وتزايد الاتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، بدأت دول ومؤسسات دولية باتخاذ إجراءات عملية تترجم الغضب السياسي إلى مقاطعة اقتصادية تطال أكثر القطاعات حساسية في إسرائيل.

إسبانيا تلغي عقود بمليار يورو

خلال أسابيع قليلة، أعلنت إسبانيا إلغاء عقدين عسكريين مع شركات إسرائيلية تجاوزت قيمتهما الإجمالية مليار يورو (1.2 مليار دولار)، البداية كانت مع صفقة صواريخ "سبايك" التي تنتجها شركة رافائيل بقيمة 237 مليون يورو، تلتها صفقة أكبر لشراء أنظمة مدفعية من شركة إلبيت سيستمز بقيمة 700 مليون يورو، والتي كانت تنص على تصنيع الأنظمة بالتعاون مع شركات إسبانية محلية.

وأكدت صحيفة "هآرتس" أن هذه القرارات لم تكن خلافات تجارية، بل رد مباشر على الحرب في غزة، في خطوة غير مسبوقة تظهر إمكانية ترجمة المواقف السياسية إلى عقوبات اقتصادية ضد إسرائيل.

مقاطعة في المعارض الدولية

الأزمة لم تتوقف عند العقود الثنائية، إذ مُنعت الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معرض دبي للطيران 2025 بسبب استمرار العدوان على غزة، كما أغلقت فرنسا أربعة أجنحة لشركات إسرائيلية في معرض باريس الجوي الأخير، بعد رفضها الامتثال لقرارات حظر عرض الأسلحة الهجومية، ما شكّل ضربة قاسية لصورة "السلاح الإسرائيلي المجرب ميدانيا".

تداعيات اقتصادية وسياسية

تعتمد إسرائيل على الصناعات الدفاعية كمصدر رئيسي للإيرادات وأداة لتعزيز نفوذها الدبلوماسي، لكن الخسائر الأخيرة تحمل انعكاسات مزدوجة:

اقتصادية: خسارة مليارات الدولارات من العقود طويلة الأمد.

استراتيجية: تآكل صورة السلاح الإسرائيلي كمنتج فعال، وهو ما يقلل من جاذبيته في الأسواق العالمية.

وتواجه شركات كبرى مثل "رافائيل" و"إلبيت" وصناعات الطيران والفضاء أزمة متفاقمة مع تصاعد الحملات الحقوقية ضد إسرائيل.

أوروبا توجه ضربة لإسرائيل

بحسب أودي عتصيون، محرر الشؤون الاقتصادية في موقع "واللا"، فإن قرارات أوروبا الأخيرة تعد تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل الاقتصادي والعسكري، خاصةً مع تراجع الشحنات القادمة من الولايات المتحدة وصعوبات الحصول على المواد الخام.

وأوضح أن غياب التدخل الرسمي من الحكومة الإسرائيلية يعكس أولوية مختلفة، بينما تستغل دول مثل فرنسا الوضع لتعزيز حضورها في أسواق التسليح العالمية.

إسرائيل أمام مفترق طرق

ويرى مراقبون أن إسرائيل قد تدخل مرحلة جديدة من تآكل النفوذ الدولي، حيث لم تعد المقاطعات مجرد خسائر مالية، بل تهدد مكانتها الاستراتيجية التي بنتها لعقود بوصفها واحدة من أبرز مصدري السلاح في العالم، ومع استمرار الحرب على غزة وتصاعد الضغوط الحقوقية، يبدو أن الصناعات العسكرية الإسرائيلية تواجه أخطر اختبار في تاريخها الحديث.