تتمتع الرياضة في مصر بتاريخ ضارب في الجذور، يمتد منذ عهد الفراعنة وحتى العصر الحديث، حيث كانت دومًا جزءًا من نسيج المجتمع المصري، ومظهرًا من مظاهر القوة والانضباط.

وشكّلت ثورة 23 يوليو 1952 نقطة تحول فارقة في مسيرة الرياضة المصرية، إذ غيّرت جذريًا من طبيعة الاهتمام بالرياضة ودورها في المجتمع.

قبل الثورة: النوادي الأهلية والنخب

قبل الثورة، كانت الرياضة تتركز داخل نوادٍ أهلية وخاصة، أنشأتها مبادرات فردية أو جماعية، وغالبًا ما اقتصرت خدماتها على الطبقات الاجتماعية الميسورة في المدن الكبرى.
وكانت أندية مثل الأهلي، الزمالك، وسبورتنج تمثل مراكز للنشاط الرياضي والاجتماعي، لكنها لم تكن متاحة لجميع فئات المجتمع. كما لعب الأجانب دورًا ملحوظًا في تأسيس وإدارة عدد من المؤسسات الرياضية خلال النصف الأول من القرن العشرين.

بعد الثورة: الرياضة للجميع

مع قيام ثورة يوليو، تبنت الدولة رؤية جديدة للرياضة كأداة لبناء الإنسان المصري، وتعزيز الهوية الوطنية.
أصبح الاستثمار في البنية التحتية الرياضية أحد مكونات المشروع الوطني للدولة، حيث تم إنشاء مئات من مراكز الشباب والأندية الرياضية في مختلف المحافظات، بهدف إتاحة الفرصة لجميع فئات الشعب لممارسة الرياضة.

أدركت الدولة أهمية الرياضة ليس فقط في دعم الصحة العامة، بل كوسيلة لتنمية قدرات الشباب، وتعزيز مكانة مصر على الساحة الدولية، ورفع راية الوطن في المحافل الرياضية.

إنجازات وتمدد رياضي

أصبحت مصر بعد الثورة مركزًا لاستضافة البطولات الدولية والإقليمية، كما سجلت الرياضة المصرية نجاحات لافتة، خاصة في كرة القدم، التي ظلت اللعبة الشعبية الأولى، وحققت أنديتها الكبرى بطولات قارية وعربية.

كما شهدت رياضات أخرى مثل كرة اليد والاسكواش طفرات كبيرة، وبرزت مصر عالميًا بأبطالها في هذه الألعاب، ونجحت في حصد ألقاب دولية رفعت من مكانة الرياضة المصرية.

مشروع وطني مستدام

تحولت الرياضة في مصر بعد ثورة يوليو إلى مشروع وطني متكامل، تدعمه الدولة ضمن استراتيجياتها التنموية، ليس فقط بهدف الترفيه أو التنافس، بل من أجل بناء مجتمع صحي، وتعزيز روح الانتماء، وتحقيق الإنجازات العالمية.

وباتت الرياضة المصرية اليوم تُعبر عن طموحات وطن، وتُجسد رؤية بدأت منذ أكثر من سبعين عامًا، ولا تزال تواصل طريقها نحو المستقبل.