في عالم التنس الذي غالبًا ما يكتفي بالتركيز على النقاط والفوز بالبطولات، يبرز اسم اللاعب الروسي أندريه روبليف كمثال على الرياضي الذي تجاوز حدود الملعب ليصبح صوتًا للسلام.

لم تكن مواقفه السياسية صاخبة مثل مارادونا، لكنها كانت عميقة ومؤثرة، خاصة في ظل الظروف السياسية الصعبة التي أحاطت ببلاده بعد الحرب في أوكرانيا.

​​في فبراير 2022، بعد ساعات قليلة من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فاز روبليف بمباراة في بطولة دبي للتنس، بعد فوزه، توجه إلى الكاميرا التي يكتب عليها اللاعبون رسائلهم، وبدلًا من كتابة رسالة تقليدية، كتب بخط يده رسالة قصيرة لكنها قوية: "No war please" (لا للحرب من فضلكم).. ​لم تكن هذه الرسالة مجرد جملة عابرة، بل كانت صرخة مدوية من لاعب شاب يبلغ من العمر 24 عامًا في ذلك الوقت، تحمل مخاطر كبيرة على مسيرته ومستقبله في بلاده.

كانت تلك اللحظة نقطة تحول في مسيرته، حيث تحول من مجرد لاعب موهوب إلى رمز للمعارضة السلمية، وواحد من أوائل الرياضيين الروس الذين عبروا عن رفضهم العلني للحرب.

بعد رسالته الأولى، لم يتراجع روبليف عن موقفه، بل أكد مرارًا وتكرارًا على ضرورة فصل الرياضة عن السياسة، وشدد على أن الرياضيين يجب أن يُسمح لهم بالمنافسة بناءً على جدارتهم الرياضية وليس بناءً على جنسيتهم أو المواقف السياسية لحكوماتهم. ​

واجه روبليف وزملاؤه الروس والبيلاروسيون ضغوطًا كبيرة، حيث مُنعوا من المشاركة في بطولة ويمبلدون لعام 2022، واضطروا للمنافسة تحت علم محايد في البطولات الأخرى، ورغم هذه التحديات، ظل روبليف متمسكًا بقناعاته، مؤكدًا أن مهمة الرياضيين هي توحيد الشعوب لا تقسيمها.

​في إحدى تصريحاته، قال روبليف: "أعتقد أن الرياضة يجب أن تكون خارج السياسة.. نحن رياضيون، نريد أن نتنافس، لقد ضحينا بالكثير من أجل هذا".. وأضاف أنه يعتقد أن التنس يمكن أن يكون قدوة للرياضات الأخرى، ويظهر للعالم أنه من الممكن أن تكون الرياضة مكانًا للسلام والوحدة.

 لم تقتصر جهود روبليف على مجرد الدعوة للسلام. في عام 2024، أعلن عن تأسيس "مؤسسة أندريه روبليف"، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى دعم الأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة، هذا العمل الإنساني يتماشى مع شخصية روبليف التي تتجاوز حدود التنافس الرياضي.