بنيامين نتنياهو، الذي طالما قدّم نفسه كأحد أقوى زعماء الشرق الأوسط وأكثرهم نفوذًا، يجد نفسه اليوم في موقف مغاير تمامًا، من انسحابات جماعية في الأمم المتحدة إلى صدور أوامر توقيف دولية بحقه، تحوّل رئيس وزراء إسرائيل إلى ما يشبه أضحوكة العالم.

ترصد خمسة سياسة لكم في هذا التقرير أبرز المواقف المُذلة، الاتهامات الجنائية، وخطته للبقاء السياسي رغم كل ما يحدث.

مظاهرات ضخمة من سيول لكيب تاون احتجاجًا على المجازر في غزة

شهدت العاصمة الكورية الجنوبية سيول احتجاجًا واسعًا ضد السياسات العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث أظهر مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين يلقون الأحذية على صورة كبيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

المظاهرة التي أقيمت أمس السبت 27 سبتمبر، شهدت رفع الأعلام الفلسطينية ولافتات تنتقد العمليات العسكرية في غزة، وبعضها وصفتها بـ"المجازر الجماعية"، بينما قام المتظاهرون بضرب اللافتة الملطخة ببقع حمراء تشبه الدم، في مشهد يعكس الغضب الدولي المتزايد تجاه الهجوم الإسرائيلي والخسائر المدنية.

وجاءت احتجاجات سيول ضمن موجة واسعة من التظاهرات التي شهدتها عدة مدن حول العالم في نفس اليوم، ففي ليفربول، تجمع آلاف الأشخاص قرب محطة القطارات المركزية مطالبين بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، بينما شارك عشرات الآلاف في برلين في مسيرة "كل العيون على غزة"، حاملين لافتات كتب عليها "فلسطين حرة".

كما شهدت باريس حشودًا ضخمة رفضت ما وصفته بالإبادة الجماعية في غزة، فيما طالب أكثر من 3000 متظاهر في كيب تاون بقطع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل، بما في ذلك إغلاق السفارة.

فضيحة الأمم المتحدة: نكتة بلا ضحك

خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حاول نتنياهو كسر الجمود بإطلاق نكتة، لكن ردّ القاعة كان صمتًا مطبقًا، دفعه للتعليق: "على فكرة، كان من المفترض أن تضحكوا"، المقطع انتشر بشكل سريع وأصبح رمزًا لعزلته الدبلوماسية.

انسحابات جماعية من القاعة

قبل أن يبدأ خطابه بدقائق، خرجت وفود عربية ودولية احتجاجًا على وجوده، ولم يبقى سوى الوفد الإسرائيلي والوفد الأمريكي، في مشهد يوضح أنه لم يعد يلقى الاحترام الذي كان يطمح إليه على المسرح العالمي.

السخرية من خطابه في الأمم المتحدة

في نفس المناسبة، حاول نتنياهو استخدام وسائل تكنولوجية للتأثير على الرأي العام، مثل عرض خريطة تفاعلية ودعوة الحضور لمسح رمز QR للحصول على مزيد من المعلومات.

هذه المحاولة لاقت سخرية وانتقادات من وسائل الإعلام والمراقبين، الذين اعتبروها محاولة يائسة لتبرير سياساته.

التهكم الإيراني على خطابه

بعد انسحاب العديد من الوفود من قاعة الأمم المتحدة، سارع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى السخرية من نتنياهو، واصفًا إياه بـ"أكثر الأنظمة مكروهًا في العالم".

وهذا التصريح أضاف مزيدًا من الإهانة لسمعة نتنياهو على الساحة الدولية. 

الطيران عبر طرق ملتوية خوفًا من الاعتقال

عند سفره لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، اختار نتنياهو مسارًا جويًا ملتويًا، متجنبًا المرور فوق أجواء دول أوروبية خوفًا من توقيف محتمل بناءً على مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، حتى إن طائرته تجاوزت الأجواء الفرنسية رغم أن باريس أكدت أنها ستمنحه ترخيص المرور.

هذا المشهد عكس لأول مرة كيف أصبح رئيس وزراء إسرائيل يخشى الاعتقال وهو في الجو

احتجاجات في نيويورك: "مطلوب موقوف"

في شوارع نيويورك، استقبله آلاف المتظاهرين بلافتات تصفه بـ"مجرم حرب"، ووسائل الإعلام العالمية أبرزت أن صورته أمام الرأي العام باتت مرتبطة بالقصف والدمار في غزة أكثر من أي إنجاز سياسي.

الإحراج في قاعات المحاكم

حتى في الداخل الإسرائيلي، مثُل نتنياهو أمام المحاكم في قضايا فساد، حيث اتهم المدّعين بالتآمر عليه، وصرخ في وجههم: "ألا تخجلون؟"، الصحافة العبرية وصفت مشهده بأنه "إحراج وطني" أكثر منه دفاع قانوني.

أوامر توقيف من المحكمة الجنائية الدولية

في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر توقيف ضد نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، التهم شملت:

استخدام المجاعة كسلاح حرب.

استهداف المدنيين عمدًا.

القتل والاضطهاد وجرائم ضد الإنسانية.

رفض الطعون الإسرائيلية

في يوليو 2025، رفضت المحكمة طلب إسرائيل بسحب الأوامر، وأكدت أن التهم خطيرة ولا يمكن تعليقها إلا بعد النظر النهائي.

دعم المنظمات الحقوقية

ورحبت منظمة العفو الدولية بالقرار، وأكدت أن نتنياهو يجب أن يواجه العدالة في لاهاي، معتبرة أن استمرار الإفلات من العقاب يهدد النظام الدولي برمته.

قيود على تحركاته الدولية

أصبح نتنياهو مقيّد السفر، حيث ترفض دول مثل سلوفينيا دخوله بسبب مذكرة التوقيف، فيما يضغط حلفاؤه مثل الولايات المتحدة لتخفيف الضغط القضائي، لكن دون جدوى قانونية مباشرة.

الحرب طوق نجاة

يسعى نتنياهو لإطالة أمد الحرب على غزة للحفاظ على سلطته، حيث يعتبر أن أي تسوية أو هزيمة ستعني نهاية مسيرته السياسية.

تشويه الخصوم والتشكيك في القضاء

يعتمد على خطاب يتهم فيه القضاء الإسرائيلي والمؤسسات الدولية بالتآمر ضده، في محاولة لكسب تعاطف أنصاره في الداخل.

التحالف مع خصوم المحكمة

يحاول بناء شبكة علاقات مع دول تعارض المحكمة الجنائية الدولية، مثل المجر والولايات المتحدة، لضمان غطاء سياسي في حال تحرّكت العدالة ضده.

الفضيحة السياسية: "قطرغيت"

في مارس 2025، فُجرت فضيحة سياسية عرفت بـ"قطرغيت"، حيث وُجهت اتهامات لعدد من مستشاري نتنياهو بتلقي أموال من ممثلين عن الحكومة القطرية للترويج لمصالحها في إسرائيل.

هذه الفضيحة أدت إلى اعتقال اثنين من كبار مساعديه، مما زاد من تعقيد وضعه السياسي. 

الخطاب المثير للجدل في مؤتمر ميونيخ للأمن

في فبراير 2025، خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن، عرض نتنياهو جزءًا من طائرة إيرانية مسيرة تم إسقاطها، في محاولة للتأكيد على تهديد إيران.

قوبلت هذه الحيلة بسخرية من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي وصفها بـ"السيرك الكرتوني"، مما أضاف مزيدًا من الإحراج له.