تحل اليوم الذكرى الـ55 لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، ثاني رؤساء مصر وأحد أبرز القادة العرب في القرن العشرين، والقائد الذي واجه الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الاستنزاف منذ عام 1970.

مع احتفاء المواطنين بذكرى الراحل، أثار تسريب صوتي حديث لمحادثة عبد الناصر مع الرئيس الموريتاني الراحل مختار ولد دادة بتاريخ 6 سبتمبر 1970، ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، لِما كشفه من مواقف صريحة عن المزايدات العربية على مصر وقضية فلسطين، والضغوط اليومية التي واجهتها القاهرة في الجبهة.

مزايدات عربية أم دعم فعلي؟

في التسجيل، تحدث عبد الناصر بصراحة عن أزمة الدعم العربي لمصر في مواجهة إسرائيل، وقال: "نواجه مزايدات عربية تسبب لنا أمراض نفسية أكتر من الإسرائيليين والأمريكيين"، مشيرًا إلى أن كثير من الدول العربية تتحدث عن تحرير فلسطين، لكن دعمها العملي يختلف عن تصريحاتها الإعلامية.

وأضاف الزعيم الراحل: "طلبنا طيارين من الجزائر لمحاربة إسرائيل ورفضوا يدونا طيار واحد، لكن الاتحاد السوفيتي بعتولنا، وفي نفس الوقت يعلنون أنهم يريدون تحرير فلسطين الكلام ده بدون فعل مجرد كلام".

التسجيل أيضًا كشف عن توترات داخلية بين مصر وبعض الدول العربية مثل الجزائر والعراق، وقال عبد الناصر: "الجزائر والعراق متفقين ضدنا دلوقتي، وفي اتصالات غرضها العمل ضدنا في البلاد العربية والأفريقية وفي كل مكان، إحنا بنتعرض يوميًا للقصف الإسرائيلي، وعيب الواحد يتكلم بدون دعم حقيقي".

أمثلة عملية من الميدان

عبد الناصر أشار في التسجيل إلى أحداث تاريخية ملموسة لدعم كلامه:

- في حرب المغرب والجزائر، قدمت القاهرة مساعدات عسكرية كاملة تشمل طائرات ودبابات ومظلات، بينما كان الدعم الجزائري محدودًا رغم التصريحات.

- في الجبهة المصرية، كانت المناطق تتعرض للقصف اليومي، وفي يوم واحد سقطت حوالي 4 آلاف قنبلة تزن ألف رطل لكل واحدة، ما يعكس حجم الضغط العسكري الذي واجهته مصر.

هذه الأمثلة أظهرت التناقض بين الخطاب العربي الرسمي وما يحدث على الأرض، وأكدت أن دعم مصر الحقيقي للقضية الفلسطينية كان عمليًا ومكلفًا، مقارنةً ببعض الدول التي اكتفت بالتصريحات الإعلامية فقط.

السياق التاريخي للتسجيل

التسجيل المسرَّب يعيد إلى الذاكرة التحديات الكبيرة التي واجهها عبد الناصر على الجبهة العربية، خاصةً بعد حرب يونيو 1967 وانكسار القوى العربية أمام إسرائيل.

كان الزعيم المصري يسعى لموازنة المواقف الدولية والعربية، محاولًا الحفاظ على صورة مصر كقيادة عربية فعّالة، بينما كان يعاني من مزايدات سياسية وحملات إعلامية من بعض الدول.

وأكد النشطاء على منصات التواصل أن هذا التسجيل يوضح أن اتهامات الخيانة أو التخاذل لمصر ليست جديدة، وأن عبد الناصر كان يواجه ضغوطًا مماثلة منذ أكثر من نصف قرن.

المزايدات العربية وتأثيرها على مصر

التسجيل يظهر بوضوح أن المزايدات العربية على فلسطين والقضية العربية الكبرى لم تكن مجرد اختلافات سياسية، بل كانت تشكل ضغطًا نفسيًا وسياسيًا على القاهرة.

عبد الناصر وصف هذه المزايدات بأنها أكثر تأثيرًا سلبيًا من العدو الإسرائيلي نفسه، مؤكدًا أن التصريحات يجب أن تتبعها أفعال حقيقية على الأرض لدعم الجبهة المصرية والفلسطينية.