في 23 يوليو، تحتفل الفنانة الكبيرة سمية الألفي بعيد ميلادها الـ72، محاطةً بدفء محبة جمهور لم ينسَ ما قدمته من مشاعر صادقة على الشاشة، رغم سنوات الغياب والابتعاد الطوعي عن الساحة الفنية.

وُلدت سمية في محافظة الشرقية عام 1953، وحصلت على ليسانس الآداب قسم الاجتماع، لكن القدر كان يُهيّئ لها مسارًا آخر، مسارًا من الضوء والوجوه والقصص التي تُروى وتُعاش على الشاشة. دخلت سمية الألفي عالم الفن من باب التلفزيون، حين ظهرت في مسلسل "أفواه وأرانب" عام 1978، لتبدأ رحلة استثنائية، رسمت خلالها ملامح فنية رقيقة لا تُنسى، بصوت هادئ ونظرات كانت تقول الكثير دون كلام.

طوال أكثر من خمسة عقود، شكّلت سمية الألفي وجهًا محببًا على الشاشة. لم تكن مجرد ممثلة، بل روحًا تنقلت بخفة بين التراجيديا والكوميديا، بين الأم الحنون والمرأة الجريحة، بين البراءة والصلابة. تألقت في أعمال لا تزال حاضرة في الذاكرة الجمعية للجمهور، مثل "علي بيه مظهر و40 حرامي"، "الراية البيضا"، "بوابة الحلواني"، "قلب الليل"، و"العطار والسبع بنات".

وعلى جانب حياتها الشخصية، كانت رحلة سمية الألفي مليئة بالمحطات واللحظات التي التقت فيها القلوب قبل أن تفترق. تزوجت أربع مرات، كان أبرزها من الفنان فاروق الفيشاوي، الذي أنجبت منه الفنان أحمد الفيشاوي. علاقةٌ حب لم تخلُ من المتاعب، لكنها ظلّت في قلبها طويلاً حتى بعد الطلاق. وقد كشفت في أكثر من لقاء أنها تحملت خياناته حفاظًا على استقرار الأسرة، وصرّحت أنها أجهضت 12 مرة في تلك الرحلة العاطفية الموجعة.

لكن الحب الذي جمعها بالفنان الراحل فاروق الفيشاوي لم ينته بانفصالهما، فقد ظلّ سندًا لها في أشدّ لحظاتها، خاصة حين أصيبت بورم نادر في العمود الفقري، اضطرها إلى السفر لإجراء عمليات دقيقة في الخارج. وفي تلك اللحظات، وقفت سمية كعادتها بشجاعة، وحين عادت إلى جمهورها، عادت بابتسامة ممتنة للحياة، شاكرة كل من وقف إلى جانبها في محنتها.

ورغم محبتها للفن، اتخذت سمية قرار الاعتزال قبل سنوات. قرارٌ جاء بهدوء، كأنها سمعت نداء داخليًا يقول لها: "لقد حان وقت الراحة". قالت في لقاء تلفزيوني مع الإعلامية رغدة شلهوب إنها شعرت بأن الفن يتجه إلى "منطقة مش حلوة"، فاختارت أن تتوقف، مقتنعة تمامًا بأنها أدّت رسالتها في الزمن الذي كانت تؤمن به.

واليوم، بعد عمر من العطاء، تعود سمية الألفي إلى الأضواء في ذكرى ميلادها، لا كممثلة فحسب، بل كامرأة خاضت الحياة والفن والحب والألم، وظلّت واقفة، متصالحة مع كل ما مضى، ومضيئة بما قدّمته لأجيال من المشاهدين.