في واقعة صادمة تعكس تصاعد خطر الجريمة الإلكترونية، رصد عدد من مستخدمي "فيسبوك" صفحة مجهولة تُروج بشكل علني وخطير لمخدر "الآيس"، المعروف أيضًا بـ"الشبو"، وتقدّم خدمة توصيله إلى باب المنزل في أقل من 30 دقيقة، في سابقة غير مسبوقة لأساليب ترويج المخدرات بمصر.
واجهة خادعة.. وبضاعة قاتلة
الصفحة تحمل اسمًا مموهًا يوحي بأنها تقدم خدمة توصيل سريعة، لكنها في الحقيقة مجرد واجهة لتجارة الموت، نشرت الصفحة إعلانات ترويجية تتضمن عبارات صادمة من نوع "توصيل خلال نص ساعة لأي مكان في القاهرة والجيزة"، و"نقاء مضمون 100%"، مصحوبة بصور جذابة وأرقام للتواصل عبر "واتساب".
هذا النشاط العلني أثار حالة من الغضب والذهول بين رواد التواصل الاجتماعي، الذين تساءلوا عن غياب الرقابة الإلكترونية وكيفية السماح لمثل هذه الصفحات بممارسة نشاط إجرامي على الملأ.
"الآيس".. جرعة واحدة قد تدمر العقل
يُعد مخدر "الآيس" من أخطر المواد الصناعية تأثيرًا، إذ ينتمي إلى عائلة "الميثامفيتامين" شديدة السمية، ويسبب الإدمان السريع والهلوسة والانفصام العقلي، وقد يدفع المتعاطي إلى ارتكاب جرائم عنف أو الانتحار.
وتُظهر التقارير الأمنية والطبية ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات تعاطي هذا النوع من المخدرات بين فئات عمرية صغيرة، مما يزيد من خطورته، ويجعل من مكافحته أولوية قصوى لدى أجهزة الدولة.
بلاغات فورية وتحرك شعبي
عقب تداول منشورات الصفحة، سارع مستخدمون إلى تقديم بلاغات لإدارة فيسبوك عبر خاصية "الإبلاغ عن محتوى ضار"، بينما توجه آخرون ببلاغات رسمية إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، مطالبين بالتحقيق الفوري، وتتبع المتورطين وإغلاق الصفحة.
عقوبات رادعة تنتظر الجناة
أكد خبراء قانونيون أن الترويج للمخدرات عبر الإنترنت يخضع لأحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والذي يعاقب بالحبس أو السجن المشدد والغرامة كل من أنشأ أو أدار صفحة إلكترونية للترويج أو بيع المواد المخدرة.
وأوضح المحامي محمود فؤاد، المتخصص في جرائم الإنترنت، أن الجهات المختصة تستطيع مخاطبة إدارة "فيسبوك" دوليًا للحصول على بيانات مسؤولي الصفحات، وتتبعهم قضائيًا بالتنسيق مع النيابة العامة.
تحذير نفسي واجتماعي
من جانبه، حذّر الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، من استخدام التكنولوجيا كأداة في يد تجار السموم، مؤكدًا أن المراهقين والشباب هم الفئة الأكثر عرضة للتأثر بهذه الوسائل، إما بدافع الفضول أو التقليد.
وطالب "فرويز" بدور أكبر من الأسرة والمدارس والمؤسسات الإعلامية، لتوعية الجيل الجديد بمخاطر هذه المخدرات الإلكترونية، التي تطرق الأبواب متخفية في شكل "دليفري".
نرصد ونتحرك فورًا
مصدر أمني أكد أن وزارة الداخلية تمتلك وحدات متخصصة لمراقبة المحتوى الإلكتروني على مدار الساعة، لا سيما ما يخص ترويج المخدرات أو الأسلحة أو الاتجار بالبشر.
وأضاف أن هناك تعاونًا مستمرًا بين قطاع الأمن العام ووحدات مكافحة جرائم الإنترنت لتحديد مواقع المروجين وضبطهم، مؤكدًا: "معركتنا مع المخدرات مستمرة.. ولكنها أصبحت أكثر تعقيدًا مع أدوات الإنترنت، وكل بلاغ من المواطنين يمثل خطوة في حماية المجتمع."