تشهد مقاطعة جوانغدونغ في جنوب الصين، وتحديدًا مدينة فوشان الواقعة شمال هونغ كونغ، تفشيًا واسع النطاق لحمى الشيكونغونيا، يُعد الأخطر من نوعه منذ قرابة عقدين، بعد أن سُجلت أكثر من 2800 إصابة جديدة في أسبوع واحد فقط، بحسب ما أعلنه التلفزيون المركزي الصيني.

وارتفع إجمالي عدد الإصابات المؤكدة إلى أكثر من 5000 حالة حتى الآن، معظمها تركز في فوشان التي تُعد بؤرة التفشي الحالي للفيروس المنقول عبر بعوض الزاعجة المصرية، وهي ذات الحشرة الناقلة لفيروسات أخرى مثل حمى الضنك وزيكا.

ورغم عدم تسجيل أي وفيات حتى الآن، إلا أن السرعة الكبيرة في انتشار الفيروس تثير قلق السلطات الصحية الصينية والمجتمع الدولي، في وقت تزداد فيه الدعوات لتكثيف إجراءات الوقاية والمراقبة الصحية.


حالة مستوردة أشعلت موجة التفشي

تعود أولى الحالات إلى يوليو الماضي، حين أبلغ عن حالة مستوردة، لتبدأ بعدها موجة متصاعدة من الإصابات بلغت في يوليو وحده أكثر من 3100 حالة، وهو ما يعكس تدهور الوضع الوبائي في الإقليم وسط درجات حرارة مرتفعة وظروف بيئية مواتية لتكاثر البعوض.


أعراض طويلة الأمد وتأثيرات صحية مقلقة

تسبب حمى الشيكونغونيا أعراضًا حادة تشمل:

  • حمى شديدة.

  • آلام مفصلية مزمنة قد تستمر لأسابيع أو شهور.

  • طفح جلدي.

  • إرهاق عام.

ورغم أن المرض نادرًا ما يكون قاتلًا، إلا أن الآثار المترتبة على الصحة الجسدية والنفسية للمصابين قد تكون مستمرة ومزعجة، مما يعيق القدرة على العمل ويُضعف جودة الحياة.

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن فيروس الشيكونغونيا يمثل تهديدًا صحيًا لأكثر من 5.6 مليار شخص في نحو 119 دولة، نظرًا لانتشاره في المناطق المدارية وشبه المدارية حول العالم، بما يشمل جنوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.


إجراءات طارئة ومكافحة بيئية مبتكرة

سارعت السلطات الصينية إلى إطلاق حملة استجابة طارئة تضمنت:

  • تنظيف برك المياه الراكدة التي تشكل بيئة خصبة لتكاثر البعوض.

  • رش المبيدات باستخدام طائرات بدون طيار.

  • إطلاق أسماك مفترسة تتغذى على يرقات البعوض في المجاري المائية.

وأكدت حكومة المقاطعة أن هذه الإجراءات ساهمت في خفض كثافة البعوض إلى مستويات آمنة في نحو 78% من القرى المحيطة بفوشان، في إطار خطة مستمرة لاحتواء التفشي.


تشخيص صعب وتحذيرات سفر مرتقبة

يواجه الأطباء تحديات كبيرة في تشخيص حالات الشيكونغونيا، نتيجة تشابه الأعراض مع أمراض فيروسية أخرى كحمى الضنك وزيكا، مما يعقّد عمليات الرصد والعلاج المبكر.

وفي هذا السياق، كشفت تقارير إعلامية أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة تدرس إصدار تحذير سفر رسمي إلى الصين، بالتوازي مع مراقبة تفشي المرض وإمكانية انتقاله عبر الحدود.

ويأتي هذا التصاعد الوبائي بعد تحذير أصدرته منظمة الصحة العالمية في يوليو 2025، مشيرة إلى مؤشرات تدل على تشابه الوضع الحالي مع تفشي 2004-2005 في جزر المحيط الهندي، والذي أسفر حينها عن إصابة نحو نصف مليون شخص عالميًا.


في ظل التغير المناخي والازدحام السكاني: خطر التفشي الإقليمي قائم

يرى خبراء الصحة العامة أن العوامل البيئية والمناخية، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الكثافة السكانية في المناطق الحضرية، قد تُسهم في تسارع انتشار الفيروس خارج الصين، ما لم تُتخذ إجراءات إقليمية ودولية عاجلة.

ويُنصح المسافرون إلى المناطق المتأثرة بتجنب لسعات البعوض قدر الإمكان، عبر استخدام المبيدات الشخصية، وارتداء الملابس الواقية، والبقاء في أماكن مغلقة ومكيفة الهواء.