* النائب إيهاب منصور: قانون الإيجار القديم لم ينصف المالك ولم يحمِ المستأجر
* النائبة أميرة صابر: قانون الإيجار القديم تأثيراته كبيرة على المواطنين.. والحكومة لم تقدم بدائل مدروسة
في خطوة تشريعية تُعد من أبرز معالم دورة الانعقاد البرلمانية الحالية، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، والمعروف إعلاميًا بـ"قانون الإيجار القديم". كما أصدر الرئيس أيضًا قانون رقم 165 لسنة 2025 لتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996.
هذه القوانين تمثل مرحلة جديدة في العلاقة بين المالك والمستأجر، وتأتي بعد سنوات من الجدل المجتمعي والبرلماني، وسلسلة من المحاولات التشريعية لإعادة التوازن في سوق الإيجارات.
المرحلة الأولى: سنوات من المطالب الشعبية والتقارير البرلمانية
لم تكن مناقشة قانون الإيجار القديم وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات تعود لعقود. فقد شهدت الدورات البرلمانية السابقة عشرات المقترحات لتعديل العلاقة بين المالك والمستأجر، لا سيما في ظل وجود شكاوى من ملاك العقارات تفيد بتجميد القيمة الإيجارية لعقود تمتد منذ منتصف القرن الماضي.
في عام 2017، أعدّت لجنة الإسكان بالبرلمان تقريرًا أوصت فيه بضرورة إعادة النظر في منظومة الإيجار القديم، خاصة للوحدات غير السكنية، وأوصت ببدء حوار مجتمعي موسّع قبل سن أي قانون.
المرحلة الثانية: التحرك التشريعي داخل البرلمان
مع بداية عام 2024، أعاد نواب لجنة الإسكان والأمانة الفنية لمجلس النواب فتح ملف الإيجار القديم، وطرحت الحكومة مشروع قانون يتضمن إعادة تنظيم العلاقة الإيجارية تدريجيًا، وفقًا لمحددات اجتماعية واقتصادية.
شهدت مناقشات القانون داخل البرلمان تباينًا واسعًا، حيث أكد عدد من النواب أهمية مراعاة البُعد الاجتماعي للمستأجرين، بينما أصرّ آخرون على ضرورة إعادة الحق لأصحابه وتحقيق العدالة للمالكين، خاصة أن العديد من القيم الإيجارية الحالية تقل عن ثمن فنجان قهوة – على حد وصف بعض النواب.
تم التصويت النهائي على مشروع القانون في شهر يوليو 2025، بعد مناقشات موسعة وجلسات استماع، وسط تحفظات محدودة.
المرحلة الثالثة: التصديق الرئاسي ودخوله حيز التنفيذ
في الرابع من أغسطس 2025، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي رسميًا على القانون، ونُشر في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ. وبذلك تبدأ الدولة تنفيذ خطة تدريجية لإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية للأسر محدودة الدخل.
ينص القانون الجديد على فترة انتقالية لتوفيق الأوضاع، وتشكيل لجان مختصة للفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود القديمة، بالإضافة إلى حوافز لملاك العقارات لدخول السوق الإيجاري من جديد.
وتباينت ردود الأفعال الشعبية بين من يرى في القانون إنصافًا لأصحاب العقارات، وآخرين يخشون من تبعاته على استقرار الأسر المستأجرة، بانتظار ما ستسفر عنه آليات التنفيذ التي ستحدد إن كان القانون خطوة ناجحة نحو التوازن، أم بداية لجولة جديدة من الجدل".
وقال النائب إيهاب منصور، نائب رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وعضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن قانون الإيجار القديم بصيغته الحالية لم يحقق توازنًا حقيقيًا بين المالك والمستأجر، مشيرًا إلى أنه تضمن بنودًا يعاني منها كلا الطرفين.
وأوضح منصور، لـ "خمسة سياسة" أن القانون بشكله الحالي ألقى عبئًا كبيرًا على المالك في إثبات أن الشقة المؤجرة مغلقة، أو أن المستأجر يمتلك مسكنًا آخر، معتبراً أنه كان من الأجدى تقديم تيسيرات للملاك في هذا الشأن، خاصة فيما يتعلق بقضية الشقق المغلقة التي يوجد توافق مجتمعي على ضرورة إعادتها لأصحابها.
وفيما يخص الملاك أيضًا، تساءل منصور عن عدالة القيمة الإيجارية الحالية، ومدى كفايتها لتغطية تكاليف صيانة العقارات، مجيبًا بأنها غير عادلة ولا تمكن الملاك من القيام بالصيانة اللازمة.
وعلى الجانب الآخر، أشار النائب إلى معاناة فئات من المستأجرين غير القادرين على تحمل الأعباء المالية الجديدة، مؤكدًا أنه كان قد تقدم بتعديلات لإعفاء هذه الفئات من الزيادات، على أن تتولى الحكومة دفع الفارق للمالك.
وأضاف منصور أن حل هذه الإشكالية كان يتطلب تدخل طرف ثالث وهو الحكومة، لمساعدة غير القادرين من المستأجرين، إلا أنها "رفعت يديها" عن التدخل، حسب تعبيره.
وأكد على وجود مشاكل ستواجه الطرفين عند تطبيق القانون، معربًا عن أمله في ألا يتضرر المواطنون، لكنه استدرك بأن النصوص الحالية ستؤدي حتمًا إلى شكوى كل من الملاك والمستأجرين.
وردًا على سؤال حول ضمانات عدم طرد المستأجرين بشكل تعسفي، قال منصور إن القانون يتضمن بندًا ينص على عدم إخلاء أي مستأجر إلا بعد توفير الحكومة لوحدة سكنية بديلة وجاهزة للتسليم.
وحول مناقشة اللجنة لضمانات وبدائل للمتأثرين، أشار إلى أن الحكومة وعدت بالالتزام بتوفير البدائل، لكنه ربط هذا بوعد الحكومة التي لم تصرف تعويضات نزع الملكية للمواطنين منذ أربع سنوات، على الرغم من أن الدستور ينص على دفعها مقدمًا.
وفيما يتعلق بتوقيت إصدار القانون، أوضح منصور أن مجلس النواب كان ملزمًا بإصداره بناءً على حكم من المحكمة الدستورية. ورغم مناقشة بنود إضافية واقتراحات، إلا أنه في النهاية يرى أن القانون بصورته النهائية لم ينصف المالك ولم يحمِ المستأجر.
واختتم تصريحاته بتلخيص رؤيته للقانون بأنه "لم يعطِ الحق بصورة جيدة للملاك، ولم يحمِ المستأجرين، في ظل غياب تدخل الحكومة".
ومن جانبها، أعربت النائبة أميرة صابر، عضو لجنة التضامن الاجتماعي والتنمية البشرية بمجلس النواب، عن رفضها التام لتصديق الرئيس على قانون الإيجار القديم، مؤكدة أن تأثيراته على المواطنين، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا، ستكون كبيرة.
وصرحت صابر، لـ "خمسة سياسة" بأن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ونواب المعارضة قد عبروا عن رفضهم القاطع للقانون "قلبًا وقالبًا"، لدرجة مغادرة قاعة المجلس أثناء مناقشته، فضلًا عن إصدار بيانات ومناشدات لرئيس الجمهورية بعدم التصديق عليه.
وأكدت النائبة أن صدور القانون لم يكن "شيئًا جيدًا بالمرة"، مشيرة إلى أن الحكومة لم تقدم بدائل مدروسة ووافية لمعالجة الأوضاع المترتبة على تطبيقه.
وحول إمكانية وجود خطط رقابية لضمان تطبيق القانون بعدالة، قالت صابر: "القانون نفسه مشكلة"، موضحة أن المشكلة تكمن في جوهر القانون ذاته وليس فقط في آليات تطبيقه.
أما النائب عبد المنعم إمام، عضو مجلس النواب، ورئيس لجنة الخطة والموازنة، أفاد بانشغاله بالانتخابات وغير مهتم الآن بالتعليق على قرار قانون الإيجار القديم.