لم تعد الرياضة مجرد لعبة أو وسيلة للترفيه، بل أصبحت في كثير من الأحيان سلاحًا سياسيًا ودبلوماسيًا يوظَّف لخدمة الحكومات وصورة الدول أمام شعوبها والعالم، المنتخبات الوطنية تحديدًا تمثل رمزًا جامعًا للهوية والانتماء، ولذلك تستغلها السلطات في تعزيز شرعيتها السياسية وتجميل صورتها الدولية.

تاريخ كرة القدم حافل بأمثلة واضحة على هذا التداخل، ففي عام 1978، اذ استضافت الأرجنتين كأس العالم تحت حكم عسكري ديكتاتوري، ورغم الانتقادات الواسعة لانتهاكات حقوق الإنسان، نجح النظام في استغلال انتصارات المنتخب لتصدير صورة الوحدة الوطنية وإخفاء ممارساته القمعية. 

وعلى نفس النهج، وظّفت روسيا استضافتها لمونديال 2018 لتقديم وجه أكثر حداثة وانفتاحًا أمام العالم، في محاولة للتخفيف من حدة العزلة السياسية التي تعيشها بسبب سياساتها الخارجية.


وفي إفريقيا، كان للرياضة حضور بارز في المشهد السياسي، فـ منتخب الكاميرون في التسعينيات تحوّل إلى أداة بيد الرئيس بول بيا، الذي وجد في إنجازات "الأسود غير المروضة" فرصة لتأكيد وحدة البلاد رغم التوترات الداخلية.

ومؤخرًا، استفاد المغرب سياسيًا من إنجاز المنتخب التاريخي في مونديال قطر 2022، إذ تحوّل التأهل إلى نصف النهائي إلى رمز لصعود الدولة على المستويين الإقليمي والدولي.. ودائمًا ما يسند التفوق الرياضي لملك البلاد محمد الخامس الذي أشرف على اعداد أكاديميات للاعبي كرة القدم من أجل تكوين منتخبات قوية للمغرب.


ويرى المحلل السياسي الفرنسي جيل دو لاروا أن استخدام الرياضة كوسيلة لتحسين الصورة الدولية ليس جديدًا؛ لكنه أصبح أكثر وضوحًا مع التطور الإعلامي قائلًا: "البطولات الكبرى اليوم تتحول إلى منصات دبلوماسية، حيث تدرك الحكومات أن ملايين الجماهير يشاهدون الصورة التي ترغب في تصديرها".

وهكذا، يظل المنتخب الوطني أكثر من مجرد فريق رياضي، بل منصة سياسية ودبلوماسية يتجاوز تأثيرها الملعب إلى عمق المشهدين الداخلي والخارجي.