يشهد قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا غير مسبوق، تركز بشكل خاص على شمال القطاع، وتحديدًا جباليا البلد، والمناطق الشرقية من خان يونس جنوبًا. هذا التصعيد، الذي وثقه مراسل "القاهرة الإخبارية" يوسف أبو كويك، يتسم بقصف مكثف، وتوغل بري متواصل، واستخدام تقنيات عسكرية جديدة، مما أدى إلى دمار واسع النطاق وتهجير قسري للسكان.

شمال غزة: جباليا البلد تحت النار

تُعد جباليا البلد، بحسب التقارير، من أكثر النقاط سخونة في الأسابيع الأخيرة، فإلى جانب القصف الجوي والمدفعي المستمر، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى استخدام تكتيكات غير تقليدية. فقد كشف "أبو كويك" عن دفع الجيش الإسرائيلي بعدد من الروبوتات المفخخة في بلدة جباليا، بفاصل زمني قصير بين كل روبوت وآخر، في إشارة إلى عمليات اقتحام معقدة تهدف إلى إحداث أكبر قدر من الدمار والخسائر.

تزامنت هذه العمليات مع غارات جوية عنيفة استهدفت منازل المدنيين مباشرة، مما أجبر السكان على إخلاء منازلهم والنزوح غربًا صوب مدينة غزة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه التحذيرات لم تقتصر على القصف المباشر، بل شملت أيضًا اتصالات هاتفية مباشرة من الجيش الإسرائيلي للمواطنين، في محاولة واضحة لزيادة الضغط وإجبارهم على النزوح القسري. هذا التهجير يفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يعاني بالفعل من حصار خانق ونقص حاد في الموارد الأساسية.

خان يونس: دمار شامل وتجريف ممنهج


لم تكن المناطق الشرقية من خان يونس أقل سوءًا، فقد شهدت مناطق مثل معا والشيخ ناصر انفجارات عنيفة ناتجة عن قصف مدفعي مباشر، بالتوازي مع التوغل البري الإسرائيلي المتواصل في البلدات الشرقية للمحافظة. إن طبيعة القصف والتدمير هنا ليست عشوائية؛ بل هي عمليات تدمير ممنهج طالت تقريبًا كافة هذه البلدات.

وأكد المراسل أن أكثر من 90% من المنطقة الشرقية لخان يونس قد دُمرت بشكل شبه كامل. هذا الدمار الهائل يشمل مناطق كانت آهلة بالسكان، مثل بطن السمين، التي لا تزال تتعرض لمزيد من القصف والتجريف، هذا المستوى من التدمير يثير تساؤلات جدية حول مدى امتثال العمليات العسكرية للقوانين الدولية الإنسانية التي تحظر استهداف المدنيين وتدمير البنى التحتية المدنية على نطاق واسع.

انعكاسات إنسانية خطيرة


إن هذا التصعيد غير المسبوق يحمل في طياته انعكاسات إنسانية خطيرة. فمع تزايد أعداد النازحين وتدمير المنازل والبنى التحتية، تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق. الآلاف من العائلات باتت بلا مأوى، وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، في ظل استمرار الحصار وإغلاق المعابر.

إن ما يحدث في شمال غزة وشرق خان يونس ليس مجرد عمليات عسكرية، بل هو تدمير منهجي لمناطق سكنية، وتهجير قسري للمدنيين، مما يلقي بظلاله على مستقبل القطاع ويجعل من أي حل سلمي محتمل أمرًا بعيد المنال. يتطلب هذا الوضع تدخلًا دوليًا فوريًا وفعالًا لوقف هذا التصعيد وحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة.